بعد اتضاح ملامح استراتيجية الحرب الشاملة التي أعلنها الرئيس الأميركي باراك أوباما ضد المنطقة بذريعة محاربة ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، وما بدا فيها من ثقوب وعورات واضحة وفاضحة، تتأكد أكثر وأكثر لدى كل مواطن عربي غيور على عروبته وأرضه ومستعد للتضحية بالغالي والنفيس فداء لوطنه وأرضه وعرضه ودمه وعروبته، حقيقة السياسة العدوانية التي ينتهجها الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية التي تصر على أن تكون المتفردة في كل شيء ومتسيدة مجموعة جينيس للأرقام القياسية في حجم غزو الشعوب والدول والتدخلات في الشؤون الداخلية لدول العالم. ويبدو أنها على الرغم من ذلك غير راضية عن سجلها الحافل في هذا المجال، فتحاول أن تضاعفه أضعافًا كثيرة حتى لا يسبقها أو يأتي أحد من بعدها ويحتل مركز الصدارة في المجموعة العالمية الشهيرة “جينيس”.
إن استراتيجية الحرب الشاملة الأوبامية الجديدة باكتمال ملامحها وما تقوم به من انتقائية وتمييز، باستهداف مجموعات إرهابية ودعم مجموعات إرهابية أخرى، واستبعاد الدول ذات الأدوار المحورية المهمة وذات المرتكز الحقيقي لنجاح الهدف الذي غطيت به استراتيجية الحرب وهو “القضاء على داعش”، تؤكد سوء الطوية وفساد النيات، وعدم وجود مصداقية، وتعبر عن فائض نفاق كبير، وتنطوي على أكاذيب محضة لا يقبلها كل ذي عقل وذي فطرة سليمة، بل لا يمكنه أن يرى فيها سوى تكريس لمشروع استعماري كبير يقوم على طائفية مقيتة، مشروع يسعى أصحابه ورعاته إلى إنتاج الإرهاب الذي اختاروه ليكون السلاح البديل في تحقيق نجاح مشروعهم العدواني التقسيمي التدميري التخريبي للمنطقة، وبالتالي مواصلة ما بدأوه من مؤامرة أسموها زورًا وكذبًا “الربيع العربي”، الربيع الذي بات يسمى عند شعوب المنطقة بربيع الإرهاب والفوضى والمجازر لما تسبب من جرائم ومجازر يندى لها جبين البشرية.
وفي سبيل تمرير هذه الحرب المدمرة التي ستشمل فصولًا تآمرية خطيرة وسيناريوهات كثيرة ضد دول بالمنطقة، بل وإعادة إنتاج السيناريوهات ذاتها وإن اختلفت في الذريعة/ الكذبة، على غرار ما حصل في العراق عام 2003م وفي ليبيا عام 2011م، نجدهم يمارسون الكذب ذاته على شعوبهم.
ولعل تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأميركي ليست بحاجة إلى عناء جهد وتفكير لاستنتاج حجم الكذب، وذلك حين قال كيري لصحفية في (سي بي اس) نشرت تصريحه في تغريدة على حسابها على موقع تويتر إن “الولايات المتحدة ليست في حرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). إنها ببساطة (تشن) عملية واسعة النطاق لمكافحة الإرهاب”. ومعلوم أن إدارة أوباما حين حاولت تحضير الرأي العام الأميركي شنت حملة إعلامية واسعة بنشر شريط الفيديو الذي يظهر أحد إرهابيي ما يسمى تنظيم “داعش” يذبح الصحفي الأميركي جيمس فولي، وخاطب أوباما الشعب الأميركي بأنه سيقتص من قتلة فولي ومن الذين يؤذون الأميركيين، وعلى هذا الأساس تحركت الدبلوماسية الأميركية لحشد الحشود لمواجهة ما يسمى “داعش”، ولم يتطرق الحديث حول محاربة الإرهاب. وواضح أنها محاولة لتبرير الحرب في المنطقة وإقناع الشعب الأميركي بكذبة مكافحة الإرهاب، والتغطية على التدخل الأميركي في شؤون دول المنطقة وتمزيقها ونهب ثرواتها، وما السكوت عن ما يسمى “جبهة النصرة” ومحاولة تصنيفها في خانة “الاعتدال”، والدعم العسكري والمالي للجماعات الإرهابية الأخرى من أخوات “داعش” بما فيها “النصرة والجبهة الإسلامية والجيش الحر وغيرها” إلا دليل واضح على الكذب والخداع.
رأي الوطن