تعاني إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من فقدان التوازن على الصعيدين الخارجي والداخلي، ويكتسب ذلك مع ترقب المنافس الجمهوري مزيداً من التشويق عندما يتعلق الأمر بسياسة الولايات المتحدة إزاء الشرق الأوسط، ومحاولة الطرفين المزايدة على كسب الرضى الصهيوني.
في هذا السياق طفت على السطح فضيحة من نوع ثقيل كشفتها عائلة الصحفي الأميركي ستيفن سوتلوف، الذي أعدمه تنظيم داعش في سورية، وبطلها الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يصر على وجود معارضة مسلحة معتدلة في سورية من بينها ما يسمى «الجيش الحر»، الذي يطلق عليه السوريون «الجيش الحرامي».
فحوى ما كشفته عائلة الصحفي سوتلوف أن «الجيش الحر» الذي يعتبره أوباما وإدارته معارضة مسلحة معتدلة، باع الصحفي سوتلوف لداعش بمبلغ يتراوح بين 25 و50 ألف دولار، ليقوم التنظيم الإرهابي بذبحه، ولم تجد العائلة حرجاً باتهام إدارة أوباما بـ«الغرق بمشادات ومناكفات ذهب ضحيتها جيمس فولي وستيفن سوتلوف»، والتهديد بالبوح بما لديها من أسرار في هذا الشأن، لتهدم بهذه الفضيحة لبنة من مدماك تحالفه الهش لمواجهة هذا التنظيم.
هذه الفضيحة التي تتفاعل في الولايات المتحدة، لا تكشف زيف ادعاءات الإدارة الأميركية بالحرص على حماية الأميركيين في أنحاء العالم، وإنما تعزز الأدلة والوثائق على ارتباط أجهزة المخابرات الأميركية بالتنظيمات الإرهابية، وتسخيرها في معظم الأحيان لتحقيق أطماع الأمن القومي الأميركي، ونزعة السيطرة والاستغلال الأميركية.
فهناك المزيد من الأدلة والفيديوهات الموثِّقة أنَّ الكثير من أفراد التنظيمات الإرهابية الذين تصنفهم إدارة أوباما بالمعتدلين التحقوا بتنظيم داعش الإرهابي، وهناك أدلة ووثائق على تعاون كل التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية في استهدافهم الشعبين السوري والعراقي، ومع ذلك تمعن هذه الإدارة في موقفها الصلف بدعم من تسميهم «المعتدلين في المعارضة السورية»، وتتخطى موضوع تزويد هذه التنظيمات الإرهابية بالسلاح إلى تدريبهم على استخدامه في وكر الإرهاب مملكة آل سعود.
من راقب أوباما وهو يعلن خطته لمواجهة داعش، شاهد عدم ثباته وضعف ثقته بجدوى الخطة التي أعلنها، وفي استجدائه الشعب الأميركي وهو يطلب منه الدعم أدرك حجم المأزق داخل إدارته، وغياب لغة الفريق الواحد، وذلك من الممكن أن نراه في الكونغرس الأميركي الذي دعاه أوباما للموافقة على تزويد «المعارضة المعتدلة» السورية بالسلاح، وخاصة مع تصاعد الانتقادات الشديدة لخطته التي لم تحمل أي جديد عما طرحه الإعلام قبل أن يعلنها، الأمر الذي فسره الكثيرون داخل أميركا وخارجها بأنه تقاعس مفضوح عن محاربة الإرهاب.
على ما يبدو أن إدارة أوباما لم تيئس بعد، وتعول على المرحلة القادمة لتحقيق مشروعها التقسيمي للمنطقة، وهذا واضح ومفضوح من التحالفات التي نسجتها مع عملائها في المنطقة، وخاصة في الخليج العربي بزعم محاربة داعش التي تؤكد تقارير استخبارية وإعلامية غربية موثوقة أن مشيخات النفط هي من تزود هذا التنظيم الإرهابي بالسلاح بإشراف من المخابرات الأميركية وعلى الأغلب أنها ستكتوي بإرهابه في القريب العاجل .. فالعلاقة بين القوى الداعمة للإرهاب والإرهابيين لا يسودها الوئام على الدوام، وتجربة القاعدة مع الولايات المتحدة خير شاهد على ذلك.
صحيفة الثورة