درعا-سانا
تؤرق ظاهرة المعاومة “تبادل الحمل “وأمراض الزيتون وقلة مياه الري المزارعين في محافظة درعا ما يؤدي إلى إجبارهم على الاحتفاظ بمؤونتهم من الزيت والزيتون لعامين متتاليين وشرائها من قبل المواطنين بأسعار تفوق الأسعار المعمول بها في عام الانتاج.
وتصل قيمة صفيحة الزيت سعة 16 كيلوغراما في سنة الانتاج الى نحو 7500 ليرة سورية في حين ترتفع في سنة المعاومة لتصل إلى 8500 ليرة سورية وتصل أحيانا إلى عشرة آلاف ليرة.
وتشكل الأمراض التي تصيب محصول الزيتون وخاصة في موسم الإزهار الذي يتميز بارتفاع درجات الحرارة معاناة جديدة لمزارعي المحافظة الذين ينتظرون عاما كاملا لجني المحصول وبيعه أو عصره للحصول على دخل إضافي يضاف إلى المواسم الأخرى كزراعة المحاصيل والخضراوات ولا سيما بعد التراجع في زراعة القمح والشعير والحمص والعدس البعل بسبب توالي سنوات الجفاف على المنطقة.
ويبين رئيس دائرة الانتاج النباتي في مديرية زراعة درعا المهندس بسام الحشيش إلى أن إنتاج المحافظة من ثمار الزيتون خلال الموسم الحالي يصل إلى 25 ألف طن مقابل30 ألف طن في الموسم الماضي مبينا أن سبب انخفاض الانتاج يعود إلى ظاهرة المعاومة وموجة الجفاف وظروف الخدمة والظروف الراهنة التي منعت المزارعين من تقديم الخدمات الأساسية للشجرة.
ويضيف “أن المساحة المزروعة بأشجار الزيتون تبلغ 29731 هكتارا تضم نحو 245ر6 ملايين شجرة المثمر منها 2ر6 ملايين شجرة” مؤكدا خروج مساحات كبيرة من طور الانتاج بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وصعوبة تقديم الخدمات لافتا إلى أن عدد أشجار الزيتون المنتجة حاليا نحو 5 ملايين شجرة.
ويؤكد عدد كبير من مزارعي الزيتون أهمية قيام مديرية الزراعة ووحداتها الارشادية واتحاد الفلاحين بتشكيل لجان فنية مختصة بأمراض الزيتون مهمتها الكشف الحقيقي على حقول الفلاحين وتشخيص الأمراض ووضع الخطط والبرامج العلاجية بما ينعكس ايجابا على دخل الفلاحين لافتين إلى أهمية تأمين الأنواع الجيدة من الزيتون المتناسبة مع ظروف المنطقة من المشاتل التابعة لمديرية الزراعة.
ويلقي المزارع حسن الحسين اللوم على مركز البحوث الزراعية نتيجة عدم تزويده الفلاحين بالاستشارات الضرورية ولاسيما أن مهامه تتركز على ” وضع الحلول المناسبة للمشاكل التي تعترض العملية الزراعية ونتائج الابحاث الزراعية المطبقة على المحاصيل في المنطقة وتقديم الارشادات اللازمة للمزارعين”.
ويضيف الحسين “أن أغلب المواطنين في درعا يزرعون الزيتون ولو على شكل مزارع صغيرة في المنازل لكنهم يفتقدون إلى العناية والاهتمام من قبل الجهات المعنية وخاصة فيما يتعلق بمياه السقاية والأدوية لمعالجة الأمراض” موضحا أن مشكلة انعدام وجود المياه وعوامل الأمن والأمان أوقعت الفلاح في حيرة ودفعت الكثيرين إلى ترك مزارعهم وبيع الأشجار كحطب للتجار والاستعاضة عنها بمشاريع اخرى مدرة للدخل.
ويبين الحسين أن التعليمات الواردة من الجهات العامة لا تجيز للمزارع سقاية الاشجار من مياه الشرب والاستفادة من الآبار التابعة للبادية والمخصصة للثروة الحيوانية لكنها تسمح له بالاستفادة من ابار الحزام الاخضر التي تفتقد لها اغلب المناطق ولا يتجاوز عددها في محافظة درعا 25 بئرا اكثرها غير داخل بالاستثمار بسبب الجفاف.
ويرى مزارعون أن ظاهرة المعاومة يمكن تلافيها والتخلص منها باستنباط اصناف جديدة من الزيتون متأقلمة مع ظروف المنطقة ومقاومة للامراض والتقلبات المناخية مطالبين مراكز البحوث الزراعية ببذل المزيد من الجهود للاستفادة من الابحاث الواردة بهذا المجال وتكثيف الندوات الارشادية ونشرها على أغلب التجمعات السكانية.
ويقول المهندس الزراعي محمد يوسف المقداد “أن ظاهرة المعاومة موجودة ولا يمكن تجنبها وإنما يمكن التقليل من اثارها باستخدام الخدمات الزراعية كالري والتقليم والتسميد ورش المبيدات المناسبة واستخدام الأدوية الزراعية” مبينا أن هذه الأعمال تزيد بالمقابل معاناة الفلاح لارتفاع اثمان تكاليف الانتاج بما لا يتناسب مع سعر الزيتون والزيت في الأسواق.
وعن الأمراض التي تصيب الزيتون في المحافظة يوضح المقداد أن أهم الآفات التي تصيب ثمار الزيتون هي “عثة الزيتون وذبابة ثمار الزيتون وحفار الساق” داعيا المزارعين إلى مراقبة آفات الزيتون والعمل على رش المبيدات المناسبة عند الحاجة.
ويبين رئيس مركز البحوث العلمية الزراعية الدكتور سلطان اليحيى أن المركز اقام في سنوات ماضية مجمعا وراثيا لأشجار الزيتون يضم 89 صنفا غايته المحافظة على التنوع الوراثي من التدهور والانجراف لاهم الانواع الشجرية والعمل على إكثار المتميز منها ونشره في بساتين المزارعين وادخال زراعات شجرية جديدة الى المحافظة ودراسة مدى تأقلمها مع ظروف المنطقة والاتجاه نحو أصناف بديلة.
ويضيف اليحيى ” أن المركز يجري ابحاثا على شجرة الزيتون واجراء مقارنة بين الغراس الناتجة عن التجذير بالعقل والناتجة عن التطعيم ومدى تحملها للظروف البيئية واثر ذلك على الانتاج ودراسة طرق تربية الأشجار والأمراض التي تعيقها” كما إنه “ينفذ ابحاثا لدراسة الاستهلاك المائي بنسب مختلفة لمحصول الزيتون وتأثير تقليم أشجار الزيتون في الزراعة بعد تحويلها إلى سماد وغيرها” مؤكدا أن كل الأبحاث التي يجريها المركز يعمل على تطبيقها بالتعاون مع الوحدات الإرشادية الزراعية لمساعدة الفلاحين وزيادة الانتاج.