إعلان كيان الاحتلال الإسرائيلي عن شنه عدوانًا إرهابيًّا جديدًا على موقع تابع للجيش العربي السوري بزعم سقوط مقذوفة على أراض واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي بمرتفعات الجولان السوري، إعلان لن يكون الأخير، وإنما هو يأتي في إطار مؤامرة التفتيت والتدمير والتخريب التي تستهدف دول المنطقة وفي مقدمتها سورية وتخدم بالأساس كيان الاحتلال الإسرائيلي سعيًا منه ومن حلفائه وعملائه لإعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع بقائه القوة الأوحد في المنطقة وما عداه من دول يجب أن يتحول إلى كيانات قزمية طائفية متناحرة، ومحتاجة إليه.
فقد سبق وأن قام كيان الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه إرهابه ضد سورية تحت ذرائع كاذبة وواهية غير مكتفٍ بما يقوم به الإرهاب الوكيل لتدمير البنية التحتية السورية وملاحقة الشعب السوري إبادةً وتدميرًا وتهجيرًا والذي تشنه التنظيمات الإرهابية من ما يسمى “داعش والنصرة والجبهة الإسلامية والجيش الحر” وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي خرجت من رحم الاستعمار القديم ـ الجديد عبر كذبة “الربيع العربي” وبمساعدة واضحة وملموسة ممن دار في فلك الاستعمار ومؤامراته إقليميًّا.
وبعدما بدت الحقائق ساطعة على الأرض وثابتة واقعًا، لا أحد بإمكانه إنكار أن كل الشرور والإرهاب تقف وراءه السياسة الصهيونية وبعون واضح وفاضح ومكشوف من الغرب الاستعماري ومن في جوهره من القوى الرجعية والعميلة، وتبدو هذه السياسة محكومة بقيم سلبية وبفكر أعجف وأيديولوجيا إقصائية إلغائية محاربة لكل ما هو إنساني وكارهة للأمن والسلم والاستقرار، تنظر إلى البشر في هذا العالم وخاصة في هذه المنطقة على أنهم غير صالحين إلا للاقتتال فيما بينهم وللخضوع أمام الموجات الاستعمارية، وبالتالي هم خدم وعبيد لهم وظيفة واحدة هي اعتناق الإرهاب والموت وتحويل مصادره إلى مقدمات ومقومات في أرض الواقع كما هو المشهد الراهن.
وبعيدًا عن أي مبالغة، فإن السياسة الصهيو ـ غربية القائمة على الإلغاء والإقصاء واستعباد الشعوب ونهب ثرواتها ومصادرة مقدراتها، واستهداف كل من يقف في وجه هذه المظاهر غير الحضارية وغير الإنسانية، استنادًا إلى حقائق التاريخ القديم والحديث، بدليل أنه في الوقت الذي يجتمع فيه دعاة الديمقراطية والحرية وحماة حقوق الإنسان والحريات في أقصى الغرب بزعم مكافحة الإرهاب في المنطقة وإدانته ويعلنون عن تشكيل قوات تدخل سريع انطلاقًا مما يتحدثون به عن خشيتهم من ارتدادات هذا الإرهاب الذين أنتجوه ودعموه إلى بلدانهم، نجد أن صنيعتهم الإرهابية الكبرى المسماة “إسرائيل” تعلن جهارًا نهارًا مساندتها ودعمها وتحالفها مع التنظيمات الإرهابية “داعش” و”النصرة” وغيرهما، كما هو الحال في سورية حيث الدعم اللوجستي الإسرائيلي من سلاح وعلاج وجمع معلومات وتوجيه لعناصر تلك التنظيمات الإرهابية، والتدخل المباشر بسلاح المدفعية والطيران الحربي الإسرائيلي لتأمين تقدم تلك التنظيمات الإرهابية وتسليمها معبر القنيطرة الخاضع تحت إدارة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة “الأندوف”، وتعريض تلك القوات للخطف والخطر، فكيف يتسق الموقف الغربي من محاربة إرهاب “داعش” في العراق والعزم على تشكيل قوات تدخل سريع لهذا الغرض مع دعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لـ”داعش” وأخواتها في سورية والجولان السوري المحتل وغيرها؟ ألا يعد هذا ازدواجية في المواقف والمعايير؟ وألا يشي بعدم المصداقية وتوظيف إرهاب “داعش” شماعة لعودة الاستعمار بجحافله إلى المنطقة؟
إن العدوان الإسرائيلي الجديد جاء ليكشف صفحة جديدة في سلسلة طويلة من المؤامرات لا تنتهي تحاك ضد سورية ودول المنطقة، وتفضح كل ما يروج له الآن من ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان وإلى آخره من الأكاذيب التي يؤكد تسليم معبر القنيطرة للجماعات الإرهابية أن هناك تنسيقًا عاليًا بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وبين تلك الجماعات، وبالتالي ما يمكن الخلوص إليه هو أن في جملة المواقف الغربية حول الإرهاب والعلاقة العضوية مع التنظيمات الإرهابية ليس هناك ما يؤكد صدق النيات وصحة الأقوال الأفعال.
رأي الوطن