دمشق-سانا
تعتمد تجربة التشكيلية عناية البخاري على الاجتهاد والتجريب في مختلف التقنيات والأساليب الفنية فالمتابع لعملها يتلمس العشق للون وللمناخات النفسية المحبة للطبيعة ويشاهد حوارات راقية على سطح اللوحة بين الألوان مع بعضها من جهة وبينها وبين التكوين من جهة ثانية فتقترب في عملها الفني من التصوف وأجوائه الفكرية والجمالية المريحة للروح والداعية للحب.
عن علاقتها باللوحة تقول التشكيلية البخاري في حديث لـ سانا أحاول نقل محبتي لجمال الطبيعة بكل مكوناتها عبر لوحاتي من خلال الألوان والخطوط والرموز مبينة أن أجمل الأوقات تقضيها في مرسمها وبين الالوان واللوحات.
وتوضح البخاري ان حبها للبحث والتجريب والاكتشاف جعلها تقدم خلال سنوات تجربتها الفنية أكثر من تقنية في الغرافيكيات الزجاجية إلى الشاشة الحريرية وأعمال مائية بالحبر الأسود وأعمال زيتية في عملها لان الفنان دائما يبحث عن الكمال وانتاجه الفني هو محاولات للوصول الى هذا الكمال والفنان عندما يعتقد أنه أنتج لوحته العظيمة الأفضل عندها أن يجد لنفسه مهنة ثانية.
وتقدم البخاري تجربتها الأخيرة الجرار باسلوب تعبيري ببعد واحد وبتقنية الزيتي وتحمل هذه الثيمة الكثير من الدلالات الإنسانية عبر علاقة اللون الجريء والصريح مع السطح المستوي وتبسيط الطبيعة عبر الرموز والألوان لتصبح الجرار تبسيطا للإنسان وعودة إلى بدء الخليقة من الطين.
وتنظر التشكيلية البخاري للإنسان بشكل فلسفي وتحاول أن تبسط حياته من خلال تجسيده بالجرار من الظاهر والباطن وتقترب من مكنوناته الخاصة عبر الألوان وعلاقتها بالتكوين فالجرار بمفهومها الفني كالانسان لها حياتها وألوانها وتتباين فيما بينها من خلال التمازج والتنافر.
وتوقفت الفنانة البخاري لفترة عن الإنتاج تأثرا بالأزمة ولكنها عادت مؤخرا لتكمل مجموعة الجرار التي بدأت فيها مع بداية الأزمة لتشير إلى أن عرضها لمجموعة من أعمالها خلال هذه الفترة جاء نتيجة تعلقها بالأمل لإعادة الحياة الثقافية والإنسانية للمجتمع السوري.
وتوضح ان حركة العرض الفنية حاليا شبه متوقفة مع بعض المحاولات التي تقوم فيها وزارة الثقافة واتحاد الفنانين التشكيليين كما أن حركة الإنتاج الفني التشكيلي متأثرة بسبب مغادرة عدد من الفنانين الى خارج البلاد ولكن الفنانين الموجودين رغم ذلك ينتجون مع قلة فرص العرض.
وعن تواجد الفن التشكيلي السوري في الخارج تؤكد البخاري أن الأزمة تسببت بتواجد الكثير من الفنانين خارج البلد لكن النقطة الإيجابية كانت بانتشار الثقافة السورية بشكل أكبر في العديد من البلدان واكتساب هوءلاء الفنانين خبرات ومعارف تضيف للحركة الفنية ببلدنا تجارب جديدة مطعمة مع التجارب الأخرى من العالم.
وحول أسعار العمال التشكيلية تشير صاحبة تجربة طباعة الشاشة الحريرية إلى أن “الأزمة أثرت كثيرا على حركة بيع اللوحات فلم يعد يوجد سوى مشتر وحيد هو وزارة الثقافة ليصبح سعر اللوحة لا يغطي تكلفته والجهد والوقت الذي يستغرقه وهذا أثر بشدة على حياة الفنانين الموجودين داخل سورية”.
وتتابع إن “حركة البيع خارج سورية يحددها سعر السوق الفني والمسوق وبعض الفنانين السوريين المقيمين خارج سورية يحققون أرقاما كبيرة من مبيعات أعمالهم تصل لمئات آلاف الدولارات”.
وتصف الفنانين الشباب بمستقبل الحركة التشكيلية السورية ويجب دعمهم معنويا وماديا من قبل الدولة ومؤسساتها وعشاق الفن ولا سيما أن الفنانين الشباب يحاولون تقديم تجارب جديدة ومهمة.
وتقول إن وزارة الثقافة واتحاد الفنانين التشكيليين يحاولان ضمن الظروف الصعبة التي تمر فيها البلد تقديم المتاح لهم لاستمرار الحياة الثقافية عبر اقامة المعارض والملتقيات مبينة أن الصالات الخاصة أغلقت بالتتابع واليوم صار من الضرورة أن تعاود نشاطها وتفتح أبوابها لاستضافة معارض الفنانين وتستقبل الناس المتعطشين للفن التشكيلي.
وتعتبر البخاري أن أهم شيء للفنان أن يمتلك هوية خاصة بعمله ويقدم فكرا وثقافة تعبر عن مشاعره فالموهبة وحدها لا تكفي ويجب تطويرها بالخبرات وعبر الاطلاع على الثقافات.
وعن الفرق بين لوحة الفنانة الانثى ولوحة الفنان الرجل توضح إنه من المعروف عن الأنثى الفنانة حبها للتزيين والزخرفة أما من ناحية طرح الفكر والثقافة فلا يوجد اختلاف بين الأنثى والرجل بالعمل الفني.
وعن الأسلوب والتقنية التي تجد نفسها فيها تقول البخاري إن الشاشة الحريرية هي وسيلة لتقديم العمل الفني الذي أريد لأنني استخدم الشاشة كختم أو وحدة بناء للوحة كعمل تصويري من خلال تقنية الطباعة وكل عمل نسخة وحيدة وبعضها بقياسات كبيرة.
وتختم البخاري بالتعبير عن تفاوءلها بمستقبل الحركة التشكيلية السورية وتقول ..دائما يوجد أسماء ومواهب جديدة تجدد الحركة التشكيلية مبينة أن الفنان مكانه المرسم ويجب ان يستمر الجميع بالعمل بغض النظر عن الصعوبات وعبر الاجتهاد والمواظبة على العمل سيوصل أصحاب المواهب الى المشاريع الناضجة فكريا وفنيا.
والفنانة عناية البخاري من مواليد دمشق 1960 وعضو في اتحاد الفنانين التشكيليين وعضو في جمعية أصدقاء الفن وتشارك في معارض الجمعية منذ عام 1989 وتشارك في المعرض السنوي لوزارة الثقافة منذ 1991 ولها العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها وأعمالها مقتناة في سورية وعدد من دول العالم.
محمد سمير طحان