تتزاحم التصريحات حول الدعوة لاستئناف الحوار السوري-السوري في جنيف أواخر الشهر الجاري، وأغلب هذه التصريحات منسوب إلى مسؤول لم يكشف اسمه، وغيرها من العبارات التي تستخدمها بعض وسائل الإعلام المحسوبة على الجهات الداعمة للحرب الإرهابية على سورية.
ولا يكتفي البعض من هذه المؤسسات الإعلامية بالتشكيك بانعقاد هذا الحوار في جنيف بل بإيراد رؤية الولايات المتحدة وفرنسا وشروطهما لإنجاح جهود الأمم المتحدة وروسيا في هذا الشأن مدعمة موقفها بتصريحات صادرة عن أشخاص ينتمون إلى مجموعات «المعارضة الخارجية» الموجودة في الرياض وأنقرة وباريس.
منذ إطلاق الحوار السوري-السوري في جنيف وتجمعات «المعارضة» الداعمة للحرب الإرهابية على سورية تماطل -مدعومة من الدول الداعمة لها- في إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية يعبر عن تطلعات السوريين ويوقف نزيف الدماء السورية، ويأتي طرح بعض تجمعات هذه «المعارضة» تأجيل عقد حوار جديد في هذا الإطار ضمن محاولة منها لإيجاد سبل جديدة تستطيع من خلالها تطويع التطورات الدولية وفقاً لتوجهات داعميها الإقليميين والدوليين وأوضاع المعركة على الأرض.
ويعد التناقض في تصريحات المنضوين في تجمعات «المعارضة» كإحدى وسائل الغش والكذب التي تستخدمها لابتزاز الأمم المتحدة والدول الداعمة لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية، ويلاحظ ذلك واضحاً في «مجموعة الرياض» التي تحاول احتكار تجمعات «المعارضة» في كيانها المحدد من قبل آل سعود أكبر الداعمين للتنظيمات الإرهابية في سورية وفي مقدمتها «داعش والنصرة « حيث يظهر أحد أعضائها ليدعم المشاركة في جنيف بشروط مسبقة ليناقضه في اليوم الثاني ما يسمى «رئيس جماعة الرياض» ليقول إنه لن تعقد محادثات جنيف إطلاقاً متذرعاً بأن هناك استحقاقات لم تحسم بعد.
إن طرح تجمعات «المعارضة» لشروط مسبقة للمشاركة في جولة جديدة في جنيف، هو أيضاً يندرج في إطار عرقلة الحل السياسي الذي تنشده الحكومة السورية من أول جولة بهدف حقن دماء السوريين وإعادة الأمن والاستقرار إلى سورية.
لا شك أننا سنسمع في الأيام المقبلة تصريحات جديدة عن تجمعات «المعارضة الخارجية» وداعميها تختلف من يوم لآخر ومرتبطة بمصالح هذه الدولة أو تلك، الأمر الذي يعكس بشكل فاضح عدم قدرة هذه التجمعات على التحرر من داعمي الإرهاب وبالتالي تحملها المسؤولية الكاملة عن نزيف دماء السوريين إلى جانب الدول التي تقف خلفها.
هذا الواقع يؤكد أمرين الأول أن تجمعات «المعارضة» لا تملك قرارها إطلاقاً والثاني أنها لم تستفد من تجربة جنيف كلها وبذلك تكون أيضاً مسؤولة عن التدخلات الخارجية في رسم أو إنجاز أي اتفاق سياسي حول سورية بدلاً من أن يكون الاتفاق سوري-سوري وبالتالي تجنب عواقب التدخلات الخارجية التي ترفضها الدولة السورية بجميع تجلياتها.
لقد فتحت الدولة السورية أبوابها أمام كل الطروحات السياسية التي تلبي تطلعات السوريين دون تدخل خارجي، وكانت المبادر الأول في تقديم حل سياسي سوري بامتياز في مطلع 2013 عندما قدم الرئيس الأسد حلاً سياسياً متكاملاً للأزمة في خطابه بدار الأوبرا، ولكن ارتهان تجمعات «المعارضة» للدول الداعمة للإرهاب أوصل الأمور إلى الوضع الحالي، وهذا دليل على عدم اهتمامها بمعاناة السوريين.
إن عقد جولة جديدة من الحوار السوري-السوري ليس مرهوناً بمواقف تجمعات «المعارضة» وإنما بمواقف الدول الداعمة لها التي إن أرادت ذلك فلن يكون أمام هذه التجمعات إلا الذهاب إلى جنيف صاغرة مطأطئة الرأس وهذا ما شهدناه في آخر جولة.
صحيفة الثورة