الشريط الإخباري

ليبيا التي تنتحر من يعيد إليها ما كانت عليه-الوطن العمانية

بكل الأسى الدفين نتطلع إلى ما يجري في ليبيا، نتابعه على أمل أن نجد فيه ما يؤشر إلى ما هو مختلف عن الصورة القائمة، فلا نجد أملا، بل مجرد سواد يحتل ليبيا ويعرضها للمخاطر كافة.

ليس من رهان على إعادة ليبيا إلى واقعها القديم على الأقل، فالبلد متجه بسرعة إلى عملية تدمير ذاتي لا مثيل لها، تسهم فيها شتى القوى من إسلاموية وغير إسلاموية، من قبائل وعشائر، من تفكير أفراد يسعى كل منهم لأن يظل رقما بين أرقام ولو على حساب تدمير مجتمعه وبلده.

لن تخرج ليبيا من هذه المحنة وهي على هذا المنوال من التعاطي الداخلي، فليس هنالك من يريد دولة أو شبه دولة، وليس هنالك من يسعى لتحقيق هذا المبدأ، الكل يريد نفسه فوق الدولة وفوق الشبهات وفوق القانون، والكل يسعى لاقتطاع منطقة نفوذ له، والكل وضع العصي في الدواليب كي لا تقوم قائمة للدولة الليبية التي لم تعد موجودة وإن كانت شكلا لها بعض الوجود غير المرئي.

لا شك أن جامعة الدول العربية أسهمت بتدمير هذا البلد العربي الغني بثرواته، وهي التي منحت الحلف الأطلسي الخلاص من النظام الذي كان قائما، ثم إدارة الظهر لكل ما نشأ عن ذلك من تفتيت للبنى والمجتمع والمؤسسات والإدارات، ومن تشجيع للأفكار الانفصالية. وها هي ليبيا في عز كل هذه الأمور، لا تعرف مستقرّا وقد لا تعرفه طويلًا إذا لم تقم هنالك قوة للدولة تلغي الموجود وتعيد سطوتها الطبيعية على البلاد.

كما أن ليبيا لم تعد خطرا على وحدة الأرض والشعب والمستقبل، بل هنالك مخاوف من محيطها أن تصل إليهم مخاطر الاقتتال الداخلي، خصوصا وأنها تحولت إلى مرجعية لاختزان الإرهاب بكافة أشكاله وهي تصدره إلى سورية والعراق وغيرهما، بل تحولت إلى سلاح كبير يتم تصديره إلى الدول المجاورة التي قررت أن تجتمع الأسبوع المقبل لهذه الغاية، وتفتيشا عن حل ممكن، مع صعوبة ما يطرح من إمكانية تدخل من أية جهة عربية في الواقع الحالي الليبي .. كما أن الأمم المتحدة قررت في السابع والعشرين من هذا الشهر عقد اجتماع خاص للبحث عن حل لليبيا تسهم فيه تلك المنظومة الدولية.

إنه لمن المؤسف إذن أن ينهار قطر عربي بهذه الطريقة التي حولت عاصمته إلى مناطق قتال، وحولت مدنه الكبرى إلى متاريس، وحولت قبائله إلى متصارعين وكذلك عشائره .. ومجرد قراءة متأنية لأحوال ذلك البلد تومئ إلى أنه قد يزال عن خريطة الدول في وقت قريب إذا لم يوضع حد لهذا الاهتراء الرهيب، ولهذه الاتجاهات التي يستعصى فيها أي حل. إن نداءات استغاثة متعددة يوجهها الليبيون إلى عالمهم العربي، لكن من يتمكن من الإغاثة، بل من يملك مفتاح الحل عن بُعد وحتى لو كان قريبا. وحتى الأقربون منه، فليس بيدهم أية إمكانية للحل وهم يرون المخاطر التي يفرزها عليهم، وهم لا يعلمون ما يفعلون سوى التطلع والتأمل والدعاء.

تحتاج ليبيا للكثير، لكنها قبل كل شيء بحاجة لتركيب دولة قادرة وفاعلة، وإعادة تركيب جيش وقوى أمنية ومؤسسات تدير شؤون شعبها. وهذا كله مفقود بعدما سطت القوى المسلحة المتقاتلة على كل مظهر من مظاهر الدولة ومشتقاتها. فمن يعيد لشعب هذه الدولة أملا بغد، من؟

رأي الوطن

انظر ايضاً

الوطن العمانية: عودة سورية إلى الجامعة العربية تعيد الدور العربي لمكانته الصحيحة

مسقط-سانا أكدت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم أن العودة السورية إلى الجامعة العربية تمثل …