حمص-سانا
اختبر السوريون خلال سنوات الأزمة أنواعا مختلفة من الأحداث والتجارب المؤلمة وفيما حاول البعض تجاوزها والاستمرار بحياته أظهر آخرون تأثرا عميقا ترجم على شكل ردود أفعال متباينة تراوحت بين الخوف والقلق الشديد إلى البلادة والانعزال.
ويمتلك الأشخاص عموما نقاط قوة وقدرات خاصة تساعدهم على مواجهة تحديات الحياة والأزمات حسب رئيس الرعاية الصحية في مديرية صحة حمص الدكتور عبد المؤمن قشلق فيما يكون البعض أكثر تأثرا بالأزمات وقد يحتاجون إلى مساعدة إضافية مثل الأطفال وكبار السن والمصابين بعاهة جسدية أو اضطرابات نفسية.
ويرى الدكتور قشلق أنه في أوقات الأزمات تبرز الحاجة لرفع الاهتمام بمجال الإسعافات الأولية النفسية وهي الاستجابة الإنسانية الداعمة لأشخاص يتعرضون للمعاناة وتنطوي على جوانب أهمها تقديم الرعاية والمساندة دون تطفل وتقدير الاحتياجات والمخاوف ومساعدة الناس على تلبية احتياجاتهم الاساسية كالغذاء والماء والمعلومات والاستماع إليهم وإراحتهم ومساعدتهم في الوصول إلى الدعم الاجتماعي وحمايتهم من التعرض لمزيد من الأذى.
ويذكر الدكتور قشلق أن الإسعافات الأولية النفسية هي بديل عن التفريغ النفسي الذي ثبتت عدم فعاليته كونها تضم عوامل تبدو مفيدة للغاية فيعملية تعافي الناس على المدى البعيد وتشمل الشعور بالأمان والارتباط بالآخرين والهدوء وإمكانية الحصول على الدعم الاجتماعي والجسدي والعاطفي والإحساس بالقدرة على مساعدة الذات.
وتستهدف الإسعافات الأولية النفسية كما يوضح رئيس شعبة التثقيف الصحي في مديرية صحة حمص الدكتور اسماعيل حسين الأشخاص الذين يعانون من ضيق نفسي جراء أزمة حقيقية لكن مع الانتباه إلى عدم فرض المساعدة على الاشخاص الذين لا يريدونها وإلى حالات يحتاج فيها الشخص إلى أشكال دعم تتجاوز الإسعاف الأولي وحده.
ويشير حسين إلى وجود أشخاص يحتاجون إلى دعم فوري اكثر تقدما كالمصابين بجروح خطيرة تهدد حياتهم ويحتاجون الى رعاية طبية طارئة والذين يعانون من الانزعاج الشديد بحيث لا يستطيعون الاهتمام بانفسهم والذين قد يؤذون أنفسهم أو يؤذون الآخرين.
وتختلف الأوقات التي تقدم فيها الإسعافات الأولية النفسية وفقا للدكتور حسين فقد تتم خلال الحادث أو بعده مباشرة مع أشخاص يعانون من ضيق شديد أو بعد عدة أيام أو أسابيع من وقوعه نسبة إلى الفترة الزمنية التي استغرقها الحادث ومدى شدته ويتم تقديم المساعدة في أي مكان آمن أو في مكان يوفر قدرا من الخصوصية للتحدث مع الشخص لضمان السرية واحترام كرامته.
ويشدد حسين عند تقديم المساعدة على ضرورة اجتناب تعريض الأشخاص لمزيد من الخطر أو الأذى وحمايتهم من الأذى النفسي والجسدي والتعامل مع الناس باحترام وحسب ثقافتهم وأعرافهم الاجتماعية ومساعدتهم بشكل منصف ودون تمييز لتحصيل حقوقهم والوصول إلى الدعم المتوافر والتصرف على أساس المصلحة الفضلى لأي شخص تتم مقابلته.
ويحكم تقديم الدعم النفسي إرشادات أخلاقية يذكر منها منسق الطب النفسي في منظمة الصحة العالمية بحمص الدكتور طوني المصيص الصدق والثقة واحترام حق الاشخاص في اتخاذ قراراتهم الخاصة واحترام خصوصيتهم محذرا من الاستغلال أو طلب المال مقابل المساعدة وعدم اعطاء وعود مزيفة وعدم المبالغة في المهارات وعدم فرض المساعدة على الآخرين أو إجبارهم على سرد قصصهم والحكم عليهم من خلال أفعالهم أو مشاعرهم.
ويبين المصيص أن الثقافة الاجتماعية تحدد كيفية تعاملنا مع الآخرين فمن المهم الانتباه إلى الخلفية الثقافية والمعتقدات الخاصة في المجتمع لتحييد مشاعر التحيز والعمل على تقديم المساعدة بالطرق الأنسب للأشخاص الذين يحتاجون الدعم وتوفير أكبر قدر ممكن من الارتياح لهم.
ويوصي المصيص بمراعاة عدة أمور عند تقديم الإسعافات الأولية النفسية منها مراعاة اختيار اللباس واللغة ومراعاة الجنس والعمر والتقاليد والسلوك والمعتقدات والدين والتركيز على التواصل الجيد وعدم ممارسة الضغط على أي شخص ليروي ما حدث له إذ إن الحفاظ على الصمت لمدة ما قد يوفر للشخص فسحة مناسبة وقد يشجعه ذلك على مشاركة تجربته مع مقدمي المساعدة إن كان يرغب بذلك .
ويضيف أن التواصل الجيد مع الأشخاص يتطلب الانتباه إلى طريقة الكلام ولغة الجسد ومراعاة الثقافات والمجتمعات المختلفة واتباع السلوكيات المناسبة التي تظهر الاحترام.
رشا المحرز