دمشق -سانا
سندباد الكلام مجموعة شعرية جاءت على واقع فني رمزي للشاعر محمد معتوق وفق منهج الشعر الحديث اعتمد تضافر الدلالات في سائر النصوص المكونة للمجموعة.
برغم سطوة النضج الايحائي لفعل الرموز المستخدمة في قصائد المجموعة واعتماد التشكيل الفني ظلت العاطفة ماثلة كمكون أساس تبدأ مع انطلاق الحدث إلى نهايته كقوله في قصيدة /وجع الرحيل/ “لكأنما.. جسدي الرحيل على غدي .. ويدي صهيل الوقت .. إذ خبأت لي قمرا..أرتبه على شباك بيتي .. إن أتاني الليل مكتمل الكلام”.
وواضح حتى في منهج الشعر الحديث الذي يتجه إلى الدلالة بالرمز المستعار تأتي المعارضة الشعرية واضحة المعالم في بعض نصوص المجموعة مع الاسقاط التاريخي على شكل نص متوازن يرفض خلاله كل معوقات التقدم ويتصدى للظلم ويأبى الهوان فيقول في قصيدة /جاؤوا عشاء يبكون/.. “متكور في علبة الكبريت .. تحرقني المسافة يا أبي .. متوحد في الوقت .. كم أرنو إلى قمر البداية .. والحكاية أنني الرؤية لهذا البحر .. في زمن .. تغلفه المعابر بالمجاعة يا أبي”.
ويبدو الشجن عند معتوق مضمخا بالحزن حتى تقع ألفاظ القصيدة على النفس مؤءثرة بفعل الوجدان الذي يتشكل بين الشاعر والمتلقي معتمدا على موضوع واحد تذهب إليه خيوط القصيدة وشعابها بصورة متوازنة منذ بداية الموضوع وصولا إلى الخاتمة حول الفكرة المركزية التي ينشدها الشاعر كقوله في قصيدة /من أنا/.. “أول الغيث .. جرح المرايا على وجع لا ينام .. لن أقول لهذا التراب.. أعدني إلي .. أنا الشرفات وهذا النشيد العصي الصلاة .. فقم يا حنين .. إلى جسدي .. خذ مراياي .. قدم لهذا التشظي خيول الوضوء .. يئن دمي تحت فضته”.
وتتحول القصيدة عند معتوق إلى عناصر مكونة من الأفكار الفلسفية والنفسية والعلمية والوطنية للتحريض على فكرة معينة يريد الشاعر أن يزرعها واقعا مستخدما معها الموسيقا بانغامها الهادئة وتفعيلاتها المتحركة في جميع المعاني الكامنة في النصوص الشعرية كقوله في قصيدة /أشبه الغيم وليس الخصب سواي/.. “ما يزال دمي في الشوارع .. بغزل غربته .. في الوجوه الحزينة .. أسأل عرافة الرمل .. مستوحشا .. لما أنكرني الطين .. جرحي أنا والشقاء سواء .. أنا يا بيوت المخيم تعويذة علقتها الرياح على دمعة .. فوق هذا الركام”.
لمجموعة الشعرية الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب والتي تقع في 119 صفحة من القطع المتوسط تلتزم موسيقا التفعيلة ويخيم عليها أسلوب الحداثة الذي غالبا ما تأخذه الدلالات إلى مقاصد الشاعر فيقدم نصوصا شعرية ترقى إلى مبتغاها.
وعن رأيه في المجموعة الشعرية قال الشاعر خالد أبو خالد “تنتمي تجربة الشاعر محمد معتوق للزمن الرابع من أزمنة حركة الشعر العربي الحديث التي بدأت منذ أول الخمسينيات في القرن العشرين إلى منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وهي أزمنة شكلت الريادة والتأسيس والتجذير وصولا إلى ربيع القصيدة الان والذي يمثل طلائعه الشاعر معتوق كصاحب تجربة جديرة بالقراءة وبالانتباه والدراسة”.
محمد خالد الخضر