تحرك أمريكا وبعض دول الغرب باتجاه الأمم المتحدة لإقرار قرار دولي بقطع التمويل عن الجماعات الإرهابية التي تقاتل في سورية والعراق، يكشف النفاق السياسي بأوضح صورة بعد الدعم الكبير المادي والعسكري لهذه المجموعات طوال السنوات الماضية.
علامات كثيرة من الاستهجان والاستغراب يثيرها هذا التحرك علاوة على كونه خطوة متأخرة ومنقوصة بعد تجاهل عشرات الرسائل السورية المتلاحقة والدعوات المتكررة والتحذيرات من خطورة دعم الإرهابيين من قبل الدول الغربية والخليجية وتركيا واحتضان الإرهابيين ومساعدتهم على التمدد في غير ساحة عربية.
إن ما تقوم به بعض الدول اليوم ومحاولاتها التبرؤ من الإرهابيين لا يعفي هذه الدول من المسؤولية عن كل الجرائم والدمار والتهجير الذي حصل بحق المدنيين في سورية والعراق، وعليه فإن أي قرار دولي يصدر سيكون بلا قيمة إذا لم يأخذ في الحسبان محاسبة الدول الداعمة للإرهاب بأثر رجعي عن الفترة السابقة، فهذه الدول هي الأساس أما الإرهابيون فهم مجرد دمى يتم تحريكها عن بعد.
وليس مقبولاً اليوم وبعد أن أكدت الوقائع والأدلة ضلوع العديد من الدول في المنطقة والعالم بدعم الإرهابيين وتسهيل دخولهم إلى سورية والعراق لمقاتلة الحكومات الشرعية وبث الفوضى تنفيذاً لأجندات غربية- صهيونية، الخروج بقرارات الهدف منها تلميع صورة الدول الراعية للإرهاب أمام مجتمعاتها بعد افتضاح أمرها وخشيتها من ارتداد الإرهابيين إلى عقر دارها وقد اكتسبوا مهارات وقدرات قتالية.
سياسات الإدارة الأمريكية والغرب ومقارباتها لأزمات المنطقة هي من أوجدت التنظيمات الإرهابية وفاقمت إجرامها وتغولها، فمن قام بغزو العراق وقبله إطلاق «طالبان» هو من أطلق ما يسمى تنظيم «دولة العراق والشام» الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها الحركية الأخرى في منطقتنا من باب الحاجة الوظيفية لتنفيذ المخططات بطرق مختلفة.
أمام هذه المعطيات واعترافات المسؤولين الأمريكيين بالمسؤولية عن «اختراع» التنظيمات الإرهابية وفتح معسكرات لتدريبها فإن أي قرار دولي لا يلحظ ذلك ويمهد لمحاسبة وفق القانون الدولي سيبقى كذر للرماد في العيون ويبقي المجال واسعاً للمضي في دعم الإرهابيين بعد انتهاء هذا «الاستعراض» الغربي المخادع.
بقلم: شوكت أبو فخر