حين تجاهر أميركا باعتراضها..؟!-صحيفة الثورة

لم تكن ردود فعل جوقة العدوان على خطاب السيد الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب خارج التوقعات، وإن بَدَت في أغلبها تتمترس خلف منصّاتها المعتادة في محاولة للاصطياد على كلمة هنا أو تعبير هناك، من دون أن تتمكن من التقاط ما يضيف على سجلاتها أو ما يؤيد ما ذهبت إليه من تحليلات، بَدَت أقرب إلى التمنيات.

اللافت كان الاعتراض الأميركي على الحديث عن استرجاع كل شبر من الأراضي السورية من الإرهاب، وأن يتم أخذه في القراءة الأميركية على أساس القرينة التي تؤشر إلى رفض العملية السياسية أو المسار السياسي، بما يوصلنا إلى الاستنتاج وفق القرينة الأميركية تلك بأن العملية السياسية التي تريدها أميركا وتعمل عليها هي أن يبقى الإرهاب، وبالتأكيد ألا يقتصر على بعض الأشبار ..!!‏

الأكثر من ذلك فإن الاعتراض لم يكن فقط على بقاء الإرهاب -وهذا أيضاً وفق التوصيف الأميركي أو الفهم لما تطرحه- بل أيضاً في الدور المستقبلي المنوط به، حيث لم تشعر أميركا بالحرج وهي تصف الدعوة إلى محاربة الإرهاب والتأكيد على اجتثاثه تمثل تصعيداً في الموقف، وتؤشر إلى رفض العملية السياسية التي تريدها.‏

في المبدأ.. إذا كانت العملية السياسية «أي عملية ومن أي نوع» ستفضي إلى بقاء الإرهاب، ولو كان مواربة أو بشكل غير مباشر عبر أدواته أو تنظيماته أو من يمثله، فهي مرفوضة ومكتوب عليها الفشل واستحالة التحقق تحت أي ذريعة كانت، ومهما تكن الحجج والمبررات أو المسوغات، لأننا في نهاية المطاف لا نعتقد أن هناك في هذا العالم من يستطيع أن يقنع أحداً بعملية سلام تفضي إلى بقاء الإرهاب، إلا من يعوّل عليه ويراهن على وجوده لتحقيق مكاسبه وأطماعه، وهذا أمر ليس من الحكمة بشيء النقاش فيه.‏

الأدهى أن يكون منطلق الدفاع عن الإرهاب منصة للهجوم أو الانتقاد بهذا القدر أو ذاك، حيث الفارق بين أن تدعم الإرهاب، سواء أعلنت ذلك أم لم تعلن، وبين أن تعترض على من يحاربه ويكافحه ويواجهه يصبح حدياً، بمعنى أنه لا يمكن أن تجد نقطة تقاطع واحدة يمكن الاتكاء عليها للحديث عن التفاهم أو التنسيق، وإن كان في نهاية المطاف يجيب عن أسئلة جوهرية طالما بدت أقرب إلى الأحجية، وفي مقدمتها: لماذا رفضت أميركا وترفض حتى اللحظة مبدأ التعاون مع سورية ومع الدولة السورية لمحاربة الإرهاب، ولماذا أيضاً لم تقبل برفع مستوى التنسيق مع روسيا في جهود مكافحة الإرهاب؟!‏

ومن مبدأ.. إذا فهمنا السبب يبطل العجب، نجد أن المعادلة تقوم على المسار ذاته، حيث يمكن لنا أن نفسر لماذا تعترض أميركا على تأكيد سورية بأنها ستحرر كل شبر من الإرهاب، وربما أيضاً نفهم أسباب ودوافع بقاء وكلائها الإقليميين في حلٍّ من أي التزام، ولماذا أيضاً المعركة مع الإرهاب طويلة وقاسية، حيث المواجهة لا تقتصر على التنظيمات الإرهابية والإرهابيين، بقدر ما ترتبط بمن يدعمهم ويقف في صفهم ويجاهر في ربط مصيره بمصيرهم، ويعمل على الدفع بالأمور نحو التصعيد كلما لاحت فرصة في الأفق للتهدئة أو لتحقيق اختراق في المسار السياسي.‏

والأكثر من ذلك أن المسألة لم تقتصر على الخطاب الأميركي الرسمي في الاعتراض، بل انسحبت أيضاً على مُحلّليهم وبعض أصحاب مراكز الدراسات والبحوث، وجاءت القراءة شبه متطابقة، مما يشير إلى أن الأول نتاج الثاني، والعكس بالضرورة صحيح!! وما يتم تسويقه في نهاية المطاف يعكس «بروباغندا» مُعدّة ومُحضّرة وجاهزة.‏

ما يعنينا بالفعل أن الثوابت والمحددات الواضحة والصريحة، ليست تعبيراً لحظياً أو مؤقتاً، بقدر ما تعني استمرارية وثقة لا يمكن لضغط هنا أو تهديد هناك أن يُعدّل فيها، والأهم أن ماعجزوا عنه بالإرهاب لن ينالوه بالسياسة، وما فشلوا به وفي تمريره بالمراوغة والتسويف والتعطيل لن يحققوه بالاعتراض، بل إن انتقادهم قد يكون مؤشراً دقيقاً وصحيحاً على أننا في المسار الصحيح منذ البداية، وسنبقى كذلك حتى النهاية.‏

لكن كل ذلك لا يمنع ولا يحول دون النظر في المقاربات المتضاربة التي تشي بكمٍّ لا ينتهي من المفارقات الواضحة في سياق الاستنتاج النهائي، بأن كل التطورات والمتغيّرات وحتى الأخطار الناتجة لم تعدّل في منهج مقاربتهم ولا في منطق طرحهم، وهذا يكفي للجزم بأن المواجهة المفتوحة ليست مع طرف فقط بقدر ما تعكس بُعداً دولياً يتجسد في بعض أشكاله بأدوار إقليمية هنا أو هناك، لكنه يرسم حدّاً فاصلاً بين محورين واتجاهين متناقضين تنفتح المواجهة بينهما على مصراعيها، والاصطفاف السياسي المتأخر في بعض جوانبه ينزاح هنا وهناك، لكنه لن يطول به الأمر حتى تتخندق المواقف بين ضفتين.. الأولى تعول وتراهن على الإرهاب، والثانية تمتلك فائضاً من التصميم والثقة بدحره واجتثاثه…!!‏

بقلم: علي قاسم

تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency

تابعونا عبر تطبيق واتس أب :

عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).

تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط:

http://vk.com/syrianarabnewsagency