لا يحتاج المشهد المحيط بسورية، إقليمياً ودولياً، إلى “باحث استراتيجي” لتحليله وفهمه، فالأمور والمواقف “منشورة” على بساط أحمدي كما يقال، والجميع أصبح يعي أمرين، الأول: إن الحرب على سورية أصبحت، وهي كذلك منذ البداية، حرب السيطرة على القرار الاستراتيجي العالمي، الإقليمي ضمناً، لنصف قرن قادم على الأقل، والثاني: إن هذه الحرب تقف اليوم أمام نقطة مفصلية وحاسمة تتمثل بـ “حلب” ونتيجة معركتها القادمة لا محالة.
فمع وصول “جنيف3” إلى مفصلية اعتراف الحلف المعادي لسورية بنتائج تفاهمات “فيينا” وتطبيق مسارها، ونتيجة عدم قدرة الأطراف الإقليمية تحديداً على هضم هذا الأمر الذي يعني الاعتراف بتجاوز الدولة السورية لمرحلة الخطر، والارتدادات الزلزالية لذلك على العروش المهتزّة أصلاً، تتالت الأحداث متسارعة ومتلاحقة، فانسحب وفد الرياض من “جنيف3″، وبدأت ذراعه الميدانية المتمثّلة بـ “جبهة النصرة” وحلفائها الهجوم على حلب تحديداً، مستعينة بالخرق التركي الفاضح لقرار مجلس الأمن الدولي “2253” وفصله السابع، واستنفرت الفضائيات المعروفة إياها، ثم جاءت التغطية السياسية من اجتماعات ثنائية وثلاثية وموسّعة لوزراء الخارجية وللجان برلمانية وغيرها، والأهم من ذلك كله أن التحشيد “الجهادي” لم يتأخر عن دوره فجاء النفير العام الذي أطلقه زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري للتركيز على سورية والتوحّد خلف “النصرة”، في سياقه الطبيعي ومكانه المعروف والمطلوب ممن يقف خلف “الظواهري” وقاعدته.
ولتكتمل الحلقة، ولأن ما بعد حلب ليس كما قبلها، غاب، وبالأحرى غُيِّبَ، “الوالي الأممي” ستيفان دي ميستورا عن السمع والنظر، ومن الواضح أن من يقف حقيقة خلف إطلاق النفير الجهادي نحو الشام، قد أوعز بذلك للرجل، وهو ما يذكرنا بواقعة غياب، أو تغييب، سلفه “الإبراهيمي” في أحد مفاصل التصعيد السابقة، انتظاراً لأخبار جيدة من الأرض، وأوراق ضاغطة، يبدو أنهم يريدون تجميعها من دماء أهل حلب وأرواحهم وأرزاقهم، وهي أوراق لا تجد من هو قادر على تقديمها سوى “جبهة النصرة” من جهة، وتنظيم “داعش” من جهة أخرى، حيث المنظمات المعتدلة مجرد وهمٍ آخر بحسب مسؤولين أمريكيين كبار سواء من الخارجية أم الاستخبارات.
والحال فإن نداء “انفروا للشام” يقول عبر من يقف خلفه فعلياً، إقليمياً ودولياً، إن الوقت الآن للميدان، لا لحوار سوري-سوري بقيادة سورية بحسب منطوق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، فالطرف الإقليمي لا يخفي خشيته من أن ينتج عن الحوار حل سلمي للأزمة ينتج نموذجاً سورياً معاكساً لنماذج الحكم التي لا تعرف من الحكم سوى ثنائية الراعي والرعية، ومن الحقوق سوى حق السمع والطاعة، والطرف الدولي لا يخفي أن الهدف الحقيقي له منذ البداية هو ما قالته سوزان رايس منذ يوم ليس ببعيد: “تدمير سورية سيكون حدثاً عظيماً لأمريكا”، ولحلفائها طبعاً.
ولأن التاريخ خير معلم فهو يخبرنا أنه حين دخل العثمانيون حلب دخلت الأمة معهم في سبات حضاري دام أربعة قرون، نمت في ظله كل أحقاد الظلام ومخلوقاته التي نشهد تجلياتها الثقافية والاجتماعية والسياسية اليوم.
لذلك، وللسوريين أولاً: لا شيء سوى الحوار الداخلي بين جميع الراغبين به أصحاب الأجندات السورية الخالصة يمكن له أن يوحّد الجهود ضد الإرهاب ويبني سورية المتجددة، وللجميع ثانياً، من القوى المتنورة لهذه الأمة ومن حلفائها في كل مكان، هذه معركة مفصلية بحق، فـ “انفروا للشام”، فهنا تحديداً سيتقرر مستقبل القرن الحالي، ومستقبلكم بالطبع ضمنه.
بقلم: أحمد حسن
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: