الدول الغربية تستغل أزمة العراق لتكريس الانقسام السياسي

دمشق-سانا

أثارت التصريحات الغربية ومنها الأمريكية والفرنسية بخصوص ضرورة تسليح تيار سياسي عراقي بعينه لمواجهة إرهابيي تنظيم /دولة العراق والشام/ وتجاهل العمل مع الحكومة المركزية الشكوك حول نية الغرب حيال العراق والمنطقة إذ إن مواجهة الإرهاب تقتضي العمل ضمن مؤسسات الدول والجيوش وعدم تشكيل بدائل عنها تعقد المشكلة بدل أن تحلها.

وفي هذا السياق قال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية اليوم إن اقليم كردستان في العراق يتلقى أسلحة من مصادر مختلفة لوقف تقدم جهاديي /الدولة الإسلامية/ مضيفا بحسب مانقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية “سيتلقون شيئا بسرعة بعد تقدم مسلحي /الدولة الإسلامية/ الكبير في مناطق شمال العراق”.

وإذا كان التصدي لتنظيم /دولة العراق والشام/ الإرهابي أمرا ضروريا ومرحبا به دائما إلا أن العمل الغربي بصورة انتقائية لمواجهته في مناطق وتركه في مناطق أخرى ووضع محددات له عليه عدم تجاوزها يجعل من الجهد الغربي جهدا مشكوكا بنواياه الحقيقية فقد تجاهل هذا الغرب انتشار التنظيم الإرهابي وسيطرته على مناطق واسعة من محافظتي صلاح الدين والأنبار منذ حوالي شهرين ولم يبد أي ردة فعل ولكن ما ان وصل إلى مناطق سنجار وشمال الموصل حتى بدأ الغرب مصرا على مواجهته في تلك المناطق بالتحديد ومع أنه ما من أحد يمانع في مواجهة الإرهاب في أي مكان إلا أن الانتقاء في هذا الملف يثير الكثير من الشكوك.

المسؤول الأمريكي رفض الرد على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تقدم السلاح قال “لا يمكنني الخوض في ذلك” وأضاف “تجري مناقشات كثيرة حاليا بين دول كثيرة والأكراد سيتلقون شيئا بسرعة”.

وتأتي هذه التصريحات مع وصول وزير الخارجية الاميركي جون كيري إلى سيدني للمشاركة في محادثات عسكرية سنوية مع استراليا حيث أعلن في وقت سابق فتوى دستورية تجيز للرئيس العراقي تحديد من سيكلف برئاسة الحكومة رغم أن الدستور العراقي واضح في هذا الإطار ويمنح هذا الحق للكتلة البرلمانية الاكبر والتي حددتها المحكمة الاتحادية العراقية بقرارها اليوم بأنها /ائتلاف دولة القانون/ الذي يرأسه رئيس الوزارء العراقي نوري المالكي ومع ذلك فان كيري اراد من المالكي الفائز في الانتخابات “عدم إثارة الاضرابات” حسب وصفه بدل أن يدعو إلى الالتزام بالدستور العراقي.

الغرب الذي خرب العراق وهدم بنيته الاقتصادية والعسكرية عبر الحصار والاحتلال منذ مايقارب عشرين عاما الى اليوم هو نفسه الذي يجهد اليوم لرسم حدود ملتبسة داخل الجغرافيا العراقية إذ لايحق لهذا التنظيم ان يقترب من مدينة كذا واذا اقترب سنقصفه بحسب منطوق البنتاغون الامريكي بعد استيلاء إرهابيي تنظيم /دولة العراق والشام/ على قضاء سنجار واليوم طلبت باريس من الاتحاد الاوروبي “حشد امكاناته لتلبية طلب التسلح” الذي وجهه رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني وذلك في رسالة وجهها وزير الخارجية لوران فابيوس الى مفوضة السياسية الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون.

وقال فابيوس أمس “إن باريس تتشاور مع شركائها في الاتحاد الأوروبي بخصوص تزويد الأكراد بالسلاح” كما صرح لتلفزيون فرانس 2 من اربيل بالقول “بشكل أو باخر ينبغي أن يتلقوا بالتأكيد معدات تجيز لهم الدفاع عن أنفسهم وشن هجوم مضاد”.

واليوم أعلن مصدر أوروبي أنه تمت الدعوة إلى اجتماع استثنائي لسفراء دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء في بروكسل لدراسة وسائل تطويق تقدم ارهابيي تنظيم /دولة العراق والشام/.

وقال المصدر إن “الأمر يتعلق بالتنسيق بافضل شكل ممكن”.

وبحسب متابعين لمستجدات الأوضاع في المنطقة فان التصدي للمد الإرهابي الخطير ممثلا بتنظيم /دولة العراق والشام/ الإرهابي وغيرها يحتاج لتنسيق عال بين حكومات المنطقة المعنية وعدم انتظار الغرب ليبادر الى تخليصنا من الارهاب لأن افتراق المصالح بين المنطقة والغرب يجعل نظرة كل منهما للخطر الإرهابي مختلفة إذ أن الدول الغربية قد تتخذ من مناطق تواجد الإرهابيين في المنطقة مكبا ترحل اليه المتطرفين لديها وتحتفظ فيه بسوسة تكفيرية قادرة على تخريب العمل السياسي في المنطقة وحرف مساره التنموي واستنزافه ولذلك قد يكون لدى الغرب مصلحة ما بالحفاظ على الشكل الحالي وليس تغييره ولو كان الامر عكس ذلك لراينا حلف شمال الأطلسي الناتو يصول ويجول لان مصالح دوله في خطر ولكننا لم نسمع حتى تصريحا من الحلف وكل ما صدر كان تطمينات الرئيس الامريكي باراك أوباما لتنظيم /دولة العراق والشام/ الإرهابي بان القضاء على الارهاب في العراق لن يتم في ليلة وضحاها ويحتاج الى وقت لم يحدده والقى اللوم على الحكومة العراقية بدل مساعدتها ووجه المساعدة إلى مكان اخر قد يعقد الأزمة السياسية في البلاد.