تحذيرات تلو التحذيرات، والخطر يمتدّ، والإرهاب يتمدّد، بينما التخوف مازال يترجم بمقالات وتصريحات وحلول «خلّبية» على الورق فقط.. والمجتمع الغربي، ومعه مجلس الأمن أيضاً، يعيان ذاك الخطر المحدق الذي طالما جرى الحديث عنه في أروقة الدول رسمياً وغير رسمي.
وأخيراً، اجتمع مجلس الأمن، وكانت له وقفة ليقول ويحدد فيها: إن تنظيم «دولة العراق والشام» الإرهابي لا يشكل تهديداً لسورية والعراق فحسب، وإنما أيضاً للسلام والاستقرار الإقليميين.
فما الذي فعله المجتمع الدولي الذي يتشدّق بحقوق الإنسان، ومسيحيو العراق يتعرضون لأكبر عملية تهجير واقتلاع من أرضهم يشهدها التاريخ الحديث، ما يشكل ضربةً موجعة لمكونات هذا الشرق التي تساهم بتعايشها في إثرائه وإغنائه؟؟ وماذا يعني اكتفاء مجلس الأمن بالإدانة والشجب والإعراب عن القلق؟ وكيف يمكن مواجهة هذا السرطان المستفحل الذي يعمل تفتيتاً في جسد هذه المنطقة والأقاليم الأخرى لاحقاً، وطالت مخالبه مفاصل بعض الدول، وستطول دولاً أخرى مازالت تنتظر عاجلاً أم آجلاً.. دولاً يمول الإرهاب نفسه من نفطها وغازها ليذكي نار وجوده على الرغم من القرارات الأممية بعدم جواز سرقة النفط وبيعه بيعاً غير شرعي؟ وثمة ألف لماذا ولماذا لاحقة.
قد تبدو التخوّفات منطقيةً، لكن العالم الغربي يتحدّث عنها من دون فعل أو جدوى، تاركاً للفعل دوره على امتداد «الراية» الداعشية من سورية إلى العراق إلى عرسال اللبنانية ومعان الأردنية، وليبيا، وسيناء، وتونس.. وإلى وإلى، حيث باتت المنطقة ترى أعنف وجود وأكبره لهذا الامتداد الداعشي الإرهابي الذي تملأ أخبار جرائمه ومجازره وسائل الإعلام.. ففي كل يوم مجزرة هنا وأخرى هناك، بغية التطهير العرقي والطائفي، من أجل إقامة إمارات إرهابه.
والسؤال هنا: هل كانت دعوة فرنسا لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن هرولةً لفظيةً بعد سماع أصوات المتظاهرين الفرنسيين الذين أعلنوا ولأول مرة أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند متواطئ مع «إسرائيل» ومطالبتهم الحكومة الفرنسية بإجراء تغيير جوهري في سياسة فرنسا والدول الغربية معها لأنها إرهابية قاتلة، وأن فرنسا صارت اليوم في خدمة اللوبي الصهيوني، وهذا -على حدّ قول المتظاهرين- ما لا تقبله فرنسا أبداً، فالشعب الفرنسي مع المقاومة التي تقودها الشعوب، ولاسيما مقاومة الشعب الفلسطيني، ويجب على الرأي العام الفرنسي إجبار الساسة الفرنسيين على احترام ذلك، وحماية الشعب الفلسطيني، ولاسيما في غزة..؟ أم لأن شعبية هولاند، ومثله الرئيس أوباما، وصلت إلى الحضيض، فجاءت الدعوة إلى التهدئة، والاكتفاء بالإدانة وغيرها من التعابير الجامدة التي لا تقدّم ولا تؤخّر في المجازر والمذابح المرتكبة على أرض المنطقة؟.
كان على مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات فعلية ملزمة، وبخاصة إزاء ما يجري من إرهاب إسرائيلي في غزة، وإرهاب داعشي في سورية والعراق وعرسال وجرودها، وغيرها وغيرها سابقاً، في حين سارعت الخارجية السورية إلى إصدار بيان بوجوب تقديم المساندة والدعم والوقوف، صفاً واحداً، مع الجيش اللبناني في معركته ضد الإرهاب التكفيري المتطرف، نظراً لما يتعرض له هذا الجيش، كما الجيش العربي السوري، من اعتداءات إرهابية مخطّط لها، تنفذها مجموعات إرهابية متطرفة باسم الإسلام وهي متآمرة عليه، بهدف زعزعة المنطقة وتفتيتها وإزالة معالمها الحضارية.
وما المساعدات المقدّمة من دولٍ صار معروفاً للعلن أنها داعمة للإرهاب وممولته الرئيسة، إلا غطاء لإرهابها، وما عليها إلا أن تكفّ عن مناوراتها المكشوفة، وتسارع إلى «ضبّ» ولملمة أبنائها.. أصحاب الرايات السوداء القاعدية، لأن المخطط الصهيو-أمريكي الذي ارتأته للمنطقة مع حلفائها في الغرب سيرتدّ عليها، ولن يرحمها أبداً، وهي تظهر بمظهر المخلّص، وأصابعها المأجورة تحرّك سيرك الإرهاب الدموي في كلّ مكان، وبخاصة عندما تقول الشعوب كلمتها الحقيقية عن تواطؤ كلّ هذه الدول مع «إسرائيل» على وجودها وبقائها!!
بقلم: رغداء مارديني