الشريط الإخباري

من يكسب المعركة السياسية؟

تتوجه الأنظار الى محادثات القاهرة التي ذهب الفلسطينيون اليها بمعنويات عالية، على خلفية الصمود البطولي الذي اجترحته غزة في مواجهة العدوان الصهيوني الغاشم. وذهب اليها الصهاينة، وكاهلهم مثقل بفشل عدوانهم، وإخفاقهم الميداني الذريع في المعركة، رغم حجم الدمار الهائل الذي ألحقوه بالقطاع، والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها بحق أهله.
معنى هذا أن العدو الصهيوني سيحاول كعادته أن يعوّض خسارته في الميدان بمكاسب سياسية في المحادثات، وأن يحقق بالسياسة ماعجز عن تحقيقه بالعدوان. فهل ستنجح المحاولة أم أن «إسرائيل» ذاهبة الى هزيمة سياسية أيضاً؟
الأمر يتوقف أولاً على الموقف الفلسطيني، وهو هذه المرة، موقف موحدّ وصلب ومحكوم أخلاقياً بحرارة دم الأطفال والشيوخ والنساء الذي سال بغزارة في غزة، فلا يُنتظر منه التراخي أو التراجع، ولاسيما عن المطالب الأساسية المحقة التي تضمنتها الورقة الفلسطينية.
ويتوقف ثانياً على الموقف المصري الذي أعاد له تبني الورقة الفلسطينية بعض التوازن، إلاّ أنه مازال محكوماً بذهنية «كامب ديفيد» التي حوّلت مصر الى وسيط حيادي في الصراع، بينما المطلوب هو أن تكون شريكاً داعماً للحق الفلسطيني وضاغطاً على العدو الصهيوني. وليس واضحاً، حتى الآن، الى أي حد يستطيع الحكم الجديد في مصر أن يقطع مع تلك الذهنية، لكن المؤكد، أنه اليوم أمام اختبار ستتحدد بنتيجته هويته السياسية الحقيقية، وطبيعة دوره في المنطقة.
من جانبها تعوّل «إسرائيل» على الدعم الأمريكي، والغربي عموماً، للضغط على الفلسطينيين، وفرض شروطها عليهم. كما تعوّل على الموقف العربي الرسمي، ووقوف بعض الدول العربية، ولاسيما السعودية، علناً في صفها، للخروج بحصاد وفير من المحادثات. وهذا هو مغزى إشادة رئيس وزراء العدو بالعلاقات التي نسجها كيانه مع تلك الدول، واعتباره أن أهم ماحققه ذلك الكيان هو الحلف الاستراتيجي معها!.
وفي ضوء هذا سيكون من الصعب على أحد الطرفين المتصارعين تحقيق انتصار تام في المعركة السياسية. لكن صمود الفلسطينيين في المحادثات علـى غرار صمودهم الميداني، وخلفهم محور المقاومة الداعم عسكرياً وسياسياً، كفيل بأن يجعل النتيجة لصالحهم.. ولو بالنقاط.
بقلم: محمد كنايسي