صرخة الإرهابيين التكفيريين الذين ضيّق الجيش العربي السوري وحلفاؤه الخناق عليهم في شمال حلب، يسمعها السعودي والتركي بتعاطف بالغ، بل يتلقّفها حكام الولايات المتحدة وأوروبا، فتناشد بعض الأطراف الدولية التي لا تصعب معرفتها حتى وإن لم تسمّها ماريا زخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية التي كشفت الأمر، تناشد روسيا أن لا تستهدف الحدود السورية التركية، في محاولة مفضوحة لإنقاذ هؤلاء الإرهابيين من مصيرهم المحتوم.
أما صرخة شعب كامل اسمه الشعب الفلسطيني، وأنين أسراه الذي تكثّف كله بالأمس في أنين محمد الفيق وهو يصارع آلام الموت والجوع والقهر والمرض، صراعاً أدمى قلوب كل من شاهدوه على قناة الميادين، فلا يسمعها سعودي ولا تركي ولا أمريكي ولا أوروبي ولا من يحزنون!
والغريب العجيب أن الإرهابيين التكفيريين الذين يصرخون اليوم طالبين النجدة، فتهرع القوى الدولية والإقليمية إياها لمحاولة نجدتهم، موضوعون على قائمة الإرهاب الدولية، ومطلوب محاربتهم والقضاء عليهم بموجب قرارات دولية واضحة تسمّي منظمتيهما «داعش» و«النصرة» بالاسم، وليس مساعدتهم كما يحدث الآن. فهل ثمة نفاق أكبر من هذا النفاق الذي لا يرى أصحابه الغربيون وأذنابهم الإقليميون في المسألة الإنسانية التي يثيرونها بكثافة هذه الأيام أكثر من سلاح يشهرونه انتقائياً للضغط على عدوهم السوري المشترك عند اللزوم، ومساعدة عملائهم الإرهابيين التكفيريين عند اللزوم أيضاً. وعلى هذا نراهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها من أجل تقديم المساعدة الإنسانية لجماعاتهم الإرهابية، بينما الشعب السوري يعاني إنسانياً الأمرين منذ بداية الحرب بسبب العقوبات الاقتصادية المجرمة التي فرضوها على بلاده، وجرائم التدمير الممنهج للبنى التحتية السورية التي ترتكبها تلك الجماعات، وبينما الحكومة السورية جادة في القيام بواجباتها الوطنية على أكمل الوجوه، وإيصال المساعدات لمواطنيها المحتاجين والمحاصرين أينما تمكنت من الوصول إليهم.
وهل بقي مجال للشك في أن الإرهاب التكفيري في سورية هو أداة دولية وإقليمية لتحقيق مشروع إسقاط الدولة الوطنية وتقسيمها. وهل تبقى مجال للشك أيضاً في أن الأجندات الإقليمية والدولية لأعداء سورية تصب جميعها، مهما تعددت وتنوعت، في خدمة أجندة أصلية ورئيسية هي أجندة العدو الصهيوني الذي لم يُخف مبكّراً أنه يريد إسقاط الحكم الوطني في سورية، وأنه يفضّل عليه «القاعدة»، ومازال حتى اليوم يرحب بالإرهاب، ولو كان «داعش» بديلاً مضموناً لخدمة أهدافه وتحقيق مشروعه.
بين الصرختين، صرخة الحق الساطع الذي يجري اغتصابه منذ 67 عاماً، وتُنتهك مع انتهاكه حقوق الإنسان والقانون والشرعية الدوليين الانتهاك الأسوأ في تاريخهما، وصرخة الباطل الساطع أيضاً، لكنْ الذي يتم تجميل وجهه الإجرامي القبيح بقناع إنساني مشغول بعناية سياسية وإعلامية فائقة، بين هاتين الصرختين يغرق العالم الذي يسمى حراً أكثر فأكثر في انحطاطه الأخلاقي والسياسي والإعلامي، بل انحطاطه الإنساني المريع.
ويبقى الأمل معلقاً على الذين يقاتلون ببطولة نادرة من أجل أوطانهم وشعوبهم، ويدافعون من خلال ذلك عن إنسانية الإنسان التي مازالت تذبح في فلسطين بسكين الإرهاب الصهيوني، وتذبح في سورية والعراق وليبيا واليمن بسكين الإرهاب التكفيري الرجعي صنيعة الأول على مرآى من مدّعي المدنية والعقلانية والتحضر… فيا للعار التاريخي الذي سيلطخ المحور الامبريالي – الصهيوني – العثماني – الرجعي العربي، ويا للإنجاز التاريخي الذي سيحققه محور المقاومة من أجل أوطانه وشعوبه والإنسانية جمعاء.
بقلم: محمد كنايسي
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :
https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency
تابعونا عبر تطبيق واتس أب :
عبر إرسال كلمة اشتراك على الرقم / 0940777186/ بعد تخزينه باسم سانا أو (SANA).
تابعوا صفحتنا على موقع (VK) للتواصل الاجتماعي على الرابط: