اللاذقية-سانا
على بعد 7 كم من مدينة جبلة تقع قرية تاريخية أثرية تجاوزت شهرتها البلاد وغدت قبلة لعلماء الآثار واوابد التاريخ أنها سيانو التي ترتفع 125 مترا عن سطح البحر ويجري جنوبها نهر كفردبيل أو نهر الحداد الذي يفصلها عن قرية غنيري كما تحيطها غابات من شجر السرو الذي اتخذ كمصدات وسياجات لبساتين الليمون الواسعة فيها.
ويشير الباحث في الشؤون السياحية والتراثية ياسين صهيوني إلى أن تل سيانو الأثري اكتشف عن طريق الصدفة وذلك أثناء قيام شركة الري باللاذقية ببعض الحفريات في الطرف الغربي من التل لتمديد خطوط المياه.
ويقول صهيوني في كتابه اللاذقية أرض تزار إن العام 4391 كان تاريخا لقيام العالم السويسري ايميل فورير بإجراء أول كشف على سطح التل لدراسة الكسر الفخارية المتناثرة فوقه وعام 1952 قامت المديرية العامة للمتاحف والآثار بتسجيل التل كموقع أثري ليقوم العالم الدنماركي بول ريس عام 1958 بدراسة الفخار الموجود على سطح التل الذي بدأ موسم التنقيب الأثري الأول فيه خلال شهر تموز عام 1990 وتشكلت بعثة أثرية عربية سورية وباشرت أعمالها التي أثمرت عن اكتشافات عديدة.
وقد ورد اسم سيانو في رقم كثيرة وفي النصوص الاوغاريتية ولا يزال الموقع يحمل اسم سيانو بتحريف بسيط عن الاسم الفينيقي القديم شناتو أو شيانو وتبلغ مساحة التل عشرة هكتارات وهو تل مرتفع عما يحيط به ولذلك استمد اسمه المحلي راس سيانو ويعتبر هذا التل أحد أكبر التلال الأثرية الواقعة في الساحل السوري.
ويذكر صهيوني أن تل سيانو يحتوي في باطنه آثار المدينة الفينيقية التي ترقد هناك منذ آلاف السنين إلى أن سطع نجمها عام 1934 وأعلن للعالم العثور على عاصمة مملكة اوشيانو المستقلة التي امتدت ما بين مملكة اوغاريت شمالا ومملكة عمريت جنوبا وكانت معاصرة لهما بينما كانت مدينة جبلة مرفأ صغيرا تابعا لها مشيرا إلى أن المكتشفات الأثرية أكدت وجود نشاط إنساني فاعل ومبكر في المدينة من خلال الأدوات الصوانية العائدة إلى عصور ما قبل التاريخ وقد ازدهرت سيانو كثيرا في العصور التي عاشت بها ولعبت دورا مهما في التجارة والزراعة والعلاقات الدولية ثم زالت نهائيا عن الوجود كما حصل لشقيقاتها الفينيقيات اوغاريت وعمريت وغيرهن.
ويحتفظ المتحف الوطني بدمشق ببعض الآثار الحجرية والفخارية المكتشفة في سيانو ولعل أهم المكتشفات الأثرية فيها سور المدينة الواقع في الشمال الغربي من التل ويبلغ طوله 80 مترا وعرضه 200 متر ويعود تاريخه إلى القرن السابع أو الثامن قبل الميلاد إضافة إلى معبد الربة بعليت وهو معبد كنعاني يقوم وسط التل له أرضية حجرية مرصوفة ويعود إلى القرن الخامس أو السادس قبل الميلاد كما اكتشفت آبار وأحواض من الحجر تعود إلى العهد اليوناني وسكن بيزنطي ومعصرة رومانية مع خزان إضافة إلى لقى اثرية كثيرة وكتابات على أجزاء من ألواح فخارية واختام ومنحوتات صخرية.
ياسمين كروم