الشريط الإخباري

النحات محمود شاهين: التشكيلي السوري يمزج روح بلده وحضارته مع الحداثة

دمشق-سانا

شكل الطمي الطيني على جانبي السواقي في كروم بلدة النحات محمود شاهين شغفا جميلا عندما كان طفلا دفعه ليكون المجسمات والأشكال بوساطة أغصان الدفلة ..هذه التشكيلات على بساطتها أدخلته عالم التعبير بالكتلة والفراغ.. لتتفجر كل هذه المحسوسات في المرحلة الثانوية بالتصوير الزيتي حيث أقام ثلاثة معارض في المركز الثقافي في مصياف قبل أن تبدأ رحلته نحو كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق.1

حول نوعية الخامات التي يحب التعامل معها يقول النحات محمود شاهين في حديث لسانا الثقافية .. “أميل إلى الخامات الطبيعية المتمثلة بالرخام والحجر والخشب فهي خامات نبيلة جاءت من الطبيعة الأم ويجب أن يعيدها النحات إليها بعد أن يعالجها مودعا فيها رؤاه وأفكاره على عكس المادة المشكلة صنعيا من خليط كالبرونز مثلا الذي هو خلطة من النحاس والتوتياء” مبينا ان الخامات الطبيعية تشده باعتبارها الأقدر على احتضان أحاسيس الفنان وعكسها في جماليات قد تكون طبيعية أو إنسانية واقعية أو متخيلة تحبب بالحياة وتدعو إلى الاستمرار فيها.

يؤكد شاهين انه يحرص على تضمين أعماله النحتية وكتاباته جسور ارتباط بينها وبين المتلقي على اختلاف سويته الثقافية وبرأيه فإن العمل النحتي يجب أن يكون مفهوما ومقروءا من قبل غالبية الناس وإلا فانه سيشكل رد فعل عكسي لافتا إلى ان هناك بعض الأعمال النحتية المغرقة بالتجريدية أو بالعبثية الغامضة وغير المفهومة مما يبعد الجمهور عنها.

وعن تأثيرات الأزمة على الفن التشكيلي في سورية أوضح شاهين ان الأزمة لم تنعكس فقط على الفن إنما على كل مناحي الحياة مبينا ان الفنان التشكيلي السوري تلقاها بحساسية عالية جدا وتوتر وقلق وإرباك لان الإبداع بشكل عام يحتاج إلى مقومات أهمها الأمان والاستقرار مشيرا إلى ان استعراض تاريخ الحضارات منذ آلاف السنين يظهر ان الفنون ازدهرت في مرحلة الاستقرار والانتعاش الاقتصادي لان الفنان عندما يفتقد الأمان لا ينتج فنا صحيحا خالدا.1

ويؤكد شاهين ان الفنان التشكيلي السوري شديد الارتباط بأرضه وتراثه وقضايا وطنه وأمته وهو فنان ملتزم بالفطرة وعلى تماس مباشر بالحداثة التي يماهيها مع إرثه الحضاري العميق لينتج منجزا فنيا معاصرا وبقدر ما يضرب في الحداثة العالمية يمد جسورا مع مثيلاته إلى آلاف السنين.

ويتابع شاهين.. ان لغة الفن التشكيلي تختلف عن لغات التعبير الأخرى فهي تحتاج إلى مرحلة من التمعن والكمون والتفاعل داخل فكر وعواطف المبدع قبل أن تأخذ طريقها إلى إبداعه والفنان التشكيلي عموما غير قادر على اتخاذ موقف مباشر وسريع تجاه الحدث والتعبير عنه قبل أن يستوعبه بعمق ويتوقف عند انعكاساته بداخله ثم يعيد انتاجه في عمله الفني حيث يطلق الفنان شاهين على ممارسته بالتعب السعيد لان اجتراح عملية الإبداع ممارسة للحظة التي يعيشها الفنان سواء كانت سلبية أو إيجابية.

وعن رأيه بالنقد الفني التشكيلي في سورية يرى الناقد شاهين ان هناك فئتين من النقاد الذين يكتبون في النقد الفني التشكيلي الأولى يمثلها فنانون تشكيليون تصدوا لهذه المهمة وهم أفضل من غيرهم باعتبارهم مارسوا العمل الفني التشكيلي وعلى اطلاع على آلية ولادته وتنفيذه لذلك تاتي كتاباتهم عن الفن أكثر موضوعية من الفئة الثانية المتمثلة بالصحفيين والأدباء الذين كتبوا النقد الفني ولا علاقة لهم بالفن التشكيلي ومعظمهم مارسوا الكتابة الانطباعية والعابرة والزائلة المطلة على العمل الفني من الخارج.

ولفت عميد كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق إلى وجود مدارس وأكاديميات تدرس أصول النقد الفني التشكيلي ولكن لا يوجد في الحركة الفنية التشكيلية السورية المعاصرة ناقد درس النقد أكاديميا مبينا ان الحركة التشكيلية السورية المعاصرة عمرها قرن من الزمن فقط ولا يزال عدد من يعمل فيها من التشكيليين غير كاف رغم العدد الكبير من خريجي كليات الفنون الجميلة المسجلين في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين وهم بالآلاف وغالبيتهم لا يمتلكون الموهبة الحقيقية ولا هاجس الإبداع الأمر الذي حولهم إلى مجرد موظفين درسوا الفن لكنهم لا يمارسونه واقعيا.7

ويتابع ان عدد الفنانين التشكيليين السوريين الذين يمارسون الفن لا يتجاوز خمسمئة فنان وهو عدد قليل مقارنة بعدد من درسوا الفن أكاديميا في سورية وخارجها.

وعن واقع كليات الفنون الجملية ومستوى خريجيها في سورية يرى الدكتور شاهين ان قرار توسيع عدد كليات الفنون الجميلة في سورية كان فيه شيء من العجلة لأننا لا نملك الكادر التدريسي القادر على تغطية هذه الكليات ويقول.. “معظم من يدرسون الطلاب في كليات الفنون الجميلة الجديدة هم محاضرون من خارج الملاك ومن حملة الإجازة فقط يضاف إلى ذلك تسرب كبير في الكادر التدريسي المؤهل من الجامعات العامة إلى الجامعات الخاصة وعدم عودة عدد من المعيدين الموفدين خارجيا إلى الوطن رغم انتهاء تحصيلهم العلمي وهذا أثر سلبا على واقع التعليم في الجامعات الرسمية”.

ويتابع شاهين.. “لو تم تطوير كلية الفنون الجميلة الأم في دمشق والاكتفاء بها فقط لكان ذلك يكفي سورية وخاصة ان واقع التدريس في كلية الفنون تختلف عن غيرها من الكليات الجامعية فهي تحتاج إلى الكادر التدريسي الكافي والمختص وإلى المكان والأدوات والمعدات” مشيرا إلى أن هذه الشروط والمقومات والمتطلبات الفنية الأكاديمية الصحيحة غير متوفرة للأعداد الهائلة من طلاب كليات الفنون الجميلة السورية ما يستدعي إعادة النظر في آلية قبول طلبة الفنون الجميلة إذا كنا نريد تخريج جيل من الفنانين قادر على تطوير الحركة التشكيلية السورية لا عبئا عليها.1

يذكر ان الفنان التشكيلي محمود شاهين من مواليد مصياف 1948 حائز على إجازة في النحت من كلية الفنون الجميلة بدمشق تابع دراسته في المدرسة العليا للفنون التشكيلية في مدينة درسدن بألمانيا حاصل منها على درجة الدكتوراة في النحت والنصب التذكارية تسلم العديد من المسؤوليات في كلية الفنون الجميلة منها رئيس لقسم النحت ونائب للشؤون العلمية وعميد للكلية مرتين وهو عضو لجنة المقتنيات والمعرض السنوي ورئيس تحرير مجلة الحياة التشكيلية الفصلية الصادرة عن وزارة الثقافة أقام العديد من المعارض الفنية الفردية نفذ العديد من النصب التذكارية في سورية وخارجها قدم العديد من الأبحاث والدراسات الفنية والنقدية وصدر له أكثر من كتاب في هذا المجال.

شذى حمود-سمير طحان


تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :

https://telegram.me/SyrianArabNewsAgency