نيويورك-سانا
جددت الأمم المتحدة اليوم مطالبتها “إسرائيل” بالامتثال لقرارات الشرعية الدولية بما في ذلك المتعلقة بالجولان السوري المحتل ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم 497 الذي يعتبر أن قرار “إسرائيل” بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي وذلك خلال اعتماد لجنة المسائل السياسية الخاصة وتصفية الاستعمار “اللجنة الرابعة” التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع القرار المعنون “الجولان السوري المحتل”.
ونال القرار تأييد الأغلبية الساحقة لوفود الدول الاعضاء علما أن 35 دولة ساهمت في تقديم مشروع القرار ما يؤكد الدعم الدولي الكبير الذي تحظى به قضية استعادة الجولان المحتل كاملا حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967.
وطالب القرار “إسرائيل” بأن تلغي قرارها بضم الجولان على الفور معتبرا أن جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها أو ستتخذها بهدف تغيير طابع الجولان السوري المحتل ووضعه القانوني لاغية وباطلة وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب وليس لها أي أثر قانوني.
كما طالب القرار “إسرائيل” بأن تكف عن فرض الجنسية الإسرائيلية وبطاقات الهوية الإسرائيلية على المواطنين السوريين في الجولان السوري المحتل وعن التدابير القمعية التي تتخذها ضد سكانه شاجبا انتهاكات “إسرائيل” لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب ومكررا الطلب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عدم الاعتراف بأي من التدابير والإجراءات المخالفة للقانون الدولي التي اتخذتها “إسرائيل” في الجولان المحتل.
وأدلى مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري بعيد اعتماد القرار ببيان شدد فيه على أن سورية تحتفظ بحق استرجاع الجولان المحتل كاملا بكل السبل المشروعة التي يكفلها الميثاق والقانون الدولي موضحا أن الدول الأعضاء أرسلت من خلال تأييدها الواسع لهذا القرار رسالة واضحة لا لبس فيها إلى إسرائيل بأنها مجرد سلطة قائمة بالاحتلال لا غير وبأن هذا الاحتلال غير مقبول ومدان ويجب أن ينتهي فورا هو وكل انتهاكات “إسرائيل” لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وقال الجعفري “لقد ثبت الوفد الإسرائيلي عزلة سياسات “إسرائيل” في هذه المنظمة الدولية عندما صوت وحده ضد مشروع القرار الخاص بالجولان.. وهذه العزلة هي أفضل عقاب قانوني لـ “اسرائيل” جراء استمرارها في احتلال الجولان السوري”.
وبين الجعفري أن تصويت الأغلبية الساحقة اليوم لصالح مشروع القرار يؤكد من جديد رفض الدول الأعضاء استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري ويؤكد أيضا أن محاولة ضمه من قبل “إسرائيل” إنما هو إجراء باطل ولاغ وليس له أي أثر قانوني وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 497 موضحا أن سورية تحتفظ بحق استرجاعه كاملا بكل السبل المشروعة التي يكفلها الميثاق والقانون الدولي.
وأضاف الجعفري “لا يخفى على أحد أن انتهاك “إسرائيل” للقانون الدولي في هذا الإطار هو مضاعف وخطر حيث لم تكتف “إسرائيل” باحتلال الجولان السوري بل عمدت إلى إصدار قوانين عبثية كقرار ضمه ومن ثم قامت باستجلاب قطعان المستوطنين الغرباء للاستيطان هناك وشجعتهم على ذلك بتزويدهم بحوافز مالية كبيرة وقامت باستغلال موارد الجولان الطبيعية بما في ذلك المياه والنفط إضافة إلى اعتقال الكثير من السوريين الرازحين تحت الاحتلال وفي مقدمتهم “مانديلا سورية” المناضل صدقي المقت الذي اعتقلته “إسرائيل” لمدة 27 عاما وهي نفس الفترة التي قضاها نيلسون مانديلا في سجن الابارتايد.
وتابع مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة “لقد صوتت “إسرائيل” وحدها ضد القرار المتعلق بالجولان السوري المحتل كما صوتت ضد جميع مشاريع القرارات الأخرى المقدمة اليوم أمام اللجنة في إطار البندين 54 و55 وهذا أمر ذو دلالة كبيرة حيث إن تصويتها هذا يمثل بحد ذاته رسالة إسرائيلية علنية إلى ما يسمى المجتمع الدولي مفادها أنها غير معنية بالإجماع الدولي وبالأمم المتحدة والقانون الدولي”.
وقال الجعفري “في هذا الإطار لاحظنا بارتياح بالغ امتناع عدد قليل من الوفود عن التصويت على مشروع القرار ونناشدها الانضمام لاحقا إلى الإجماع الدولي وذلك من خلال تصويتها لصالح هذا القرار عند طرحه أمام الجمعية العامة خلال الأيام القادمة لأن أي تردد في إدانة ورفض الاحتلال وضم أراضي الغير بالقوة إنما يرسل إشارة خاطئة للخارجين عن القانون مفادها إن شريعة الغاب هي البديل من القانون وإن الخروج عنه في حالة “إسرائيل” هو استثناء مشروع.
وتوجه الجعفري بالشكر إلى الوفود التي صوتت لصالح القرار وتلك التي انضمت إلى قائمة متبني مشروع القرار.
سورية جعلت مسألة عدم الانتشار النووي ركيزة من ركائز أولوياتها الوطنية قولاً وفعلاً
وفي بيان ألقاه خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة البند 87 حول تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكد الجعفري أن سورية جعلت مسألة عدم الانتشار النووي ركيزة من ركائز أولوياتها الوطنية قولا وفعلا مشيرا إلى أن عدم تعاون “إسرائيل” مع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واستمرارها في تطوير قدراتها النووية العسكرية خارج أي رقابة دولية هو أمر يخل بمصداقية نظام عدم الانتشار ويهدد أمن واستقرار دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط.
وقال الجعفري بما إن هناك إجماعا عالميا بأن الخطر النووي الحقيقي الوحيد الماثل في منطقة الشرق الأوسط يكمن في امتلاك “إسرائيل” للسلاح النووي ولوسائل إيصاله إلى مناطق بعيدة عن المنطقة حيث يصل مدى الصواريخ النووية الإسرائيلية إلى 500 ميل أي إلى حدود الصين فإن البعض ممن يكابرون على هذا الواقع الجلي للعيان يحلو لهم فتح جبهات وهمية لتشتيت الانتباه عن خطورة الواقع النووي الإسرائيلي”.
وأضاف الجعفري “من نافلة القول إن مثل هذا التوجه غير النزيه وغير الموضوعي إنما يفضح زيف ادعاءاتهم بالحرص على إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط بينما كانوا هم أنفسهم مسؤولين منذ عقود عن تزويد “إسرائيل” بالمواد والتكنولوجيا النووية التي مكنتها من امتلاك السلاح النووي ووسائل إيصاله بما في ذلك الغواصات المتطورة القادرة على حمل وإطلاق الصواريخ النووية”.
وأشار الجعفري إلى أن هؤلاء عملوا بكل ما أوتوا من قوة على السعي عبثا لإخراج السلاح الإسرائيلي النووي من دائرة الاهتمام الرئيسية خلال أعمال مؤتمري مراجعة معاهدة عدم الانتشار عامي 2010 و2015 في نيويورك وإفشال مؤتمر 2012 خدمة للتعمية على استمرار “إسرائيل” في امتلاك السلاح النووي على حساب أمن وسلامة شعوب المنطقة وبما يثبت سياسات الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير.
وحول ما أشار إليه مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيانه بأن الوكالة خلصت مؤخرا إلى أنه “من المرجح جدا أن بناء دمر في موقع ديرالزور كان مفاعلا نوويا كان ينبغي التصريح به للوكالة” قال الجعفري “إن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعرف أن سورية جعلت مسألة عدم الانتشار النووي ركيزة من ركائز أولوياتها الوطنية قولا وفعلا ولذلك فهي بادرت في وقت مبكر جدا بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار في عام 1968 كما أنها وقعت اتفاق الضمانات مع الوكالة في عام 1992 إضافة إلى أنها قدمت في 27 كانون الأول 2003 باسم المجموعة العربية مشروع قرار مازال باللون الأزرق في أروقة مجلس الأمن كان يرمي إلى إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى”.
وأوضح الجعفري أن “مصداقية التزام سورية الوطني بعدم الانتشار تصبح عصية على التشكيك ولاسيما أن المشروع المنسجم مع أحكام وأهداف الوكالة الدولية للطاقة الذرية اصطدم آنذاك باعتراض وفد الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن والذي هدد باستخدام امتياز النقض ضده”.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يدينا عدوان “إسرائيل” العسكري الفاضح على سورية ولم يدينا رفضها التعاون مع الوكالة والسماح لمفتشيها بالكشف والتحقق عن مصدر التلوث المحتمل الناجم عن الصواريخ الإسرائيلية والمواد التي استخدمتها في تدمير وتلويث الموقع.
ولفت الجعفري إلى أن استمرار عدم تعاون “إسرائيل” مع متطلبات الوكالة واستمرارها في تطوير قدراتها النووية العسكرية خارج أي رقابة دولية وتجاهلها لجميع الدعوات الرامية إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية لهو أمر يخل بمصداقية نظام عدم الانتشار ويهدد أمن واستقرار دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط ويقوض عالمية المعاهدة وهي كلها أمور بمنتهى الخطورة ومؤكدة وموثقة ومعروفة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مضيفا “كنا نتوقع من المدير العام للوكالة أن يتطرق إليها في بيانه بدلا من الالتفات إلى تعابير غير حاسمة وليست ذات دلالة مثل “من المرجح جدا”.
وأكد الجعفري أن التزام الدول الأعضاء بالنظام الأساسي للوكالة كان يقتضي قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإبلاغ الوكالة بالمعلومات التي كانت بحوزتها قبل تدمير المبنى وليس بعد ثمانية أشهر منه قائلا “إن الشيء نفسه ينطبق على “إسرائيل” أيضا التي لم تمتنع عن تزويد الوكالة بما لديها من معلومات فحسب “هذا إن صحت تلك المعلومات” بل قامت بعدوان عسكري موصوف على سيادة الأراضي السورية متسللة عبر المجال الجوي لدولة مجاورة هي تركيا الأمر الذي لم تتعامل معه الوكالة وفقا لولايتها المنوطة بها ولم تتخذ إجراءاتها الضرورية وفقا لمسؤولياتها وصلاحياتها بشأن خرق “إسرائيل” لالتزاماتها الدولية”.
وأوضح الجعفري أن معظم ما تضمنه استنتاج الوكالة خلال ولاية المدير العام الحالي بشأن الموقع في ديرالزور استند إلى تلك الصور والتحليلات التي قدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ما يطرح العديد من التساؤلات حول مصداقية تلك المعلومات التي تلقتها الوكالة وطبيعة الوثائق الداعمة لها آخذين بالاعتبار أنها قدمت من قبل دولة تتبع أجندة سياسية معادية لمصالح سورية وأيضا سوابق في هذا الصدد تتعلق بالملف العراقي الكارثي والتضليلي الذي أدى لغزو العراق وتدمير بنيته التحتية ونشر الإرهاب فيه ثم جاءت النتيجة بعد ذلك بسنوات في عام 2008 عندما تم دفن تقرير لجنة “الأونسكوم” في صندوق سري لن يفتح إلا بعد 60 عاما لأن التقرير خلص إلى القول إن اللجنة المذكورة لم تعثر على أسلحة دمار شامل في العراق.
وبين الجعفري إن تقرير المدير العام الأخير تضمن استنتاجات غير حاسمة مبنية على معلومات تنقصها المصداقية والشمولية كما أن تقييمه يتناقض بشكل واضح مع تقييم سلفه البرادعي بما يثير علامات استفهام تستلزم التوضيح مشيرا إلى أن استمرار الخلط بين ما هو التزام قانوني لدولة عضو بموجب اتفاق الضمانات وبين ما هو إجراءات طوعية للانضمام إلى البروتوكول الإضافي هو أمر لا يستند إلى أي أساس قانوني ويشكل وسيلة أخرى من وسائل الضغط السياسي على سورية.
وقال الجعفري “نسأل الدول التي تعمل على تقديم غطاء للسلاح النووي الإسرائيلي وكذلك المدير العام للوكالة الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية ذاتها عما قاموا به من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 487 لعام 1981 والذي مر على اعتماده أكثر من ثلاثين عاما”.
ودعا مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في ختام بيانه المدير العام للوكالة الدولية إلى قراءة المرجع المهم حول التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي الذي يصدره معهد استوكهولم لابحاث السلام الدولي والذي أفرد فصلا كاملا لما سماه “القوى النووية الإسرائيلية” واستخلاص العبر منه والتعامل فورا وبحسم
مع السلاح النووي الإسرائيلي الذي يهدد أمن وحياة وسلامة شعوب دول المنطقة جميعا وذلك تنفيذا لقرارات الوكالة نفسها ولقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة.
تابعوا آخر الأخبار السياسية والميدانيـة عبر تطبيق تيلغرام على الهواتف الذكية عبر الرابط :