دمشق-سانا
ديوان الشعر الذي صدر مؤخرا للدكتور محمد سعيد العتيق تحت عنوان “شذى الروح شعري.. وجد وعشاق شآم” كان محور الندوة النقدية التي أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب في دمشق بمشاركة عدد من النقاد.
وعن رأيها النقدي بالمجموعة قالت الدكتورة ميادة اسبر “النص ليس مجرد سلاسل لفظية تنصف فيها الألفاظ بعضها إلى جانب بعض لتشكل متوالية لسانية وإنما هو فضاء تتقاطع فيه نصوص شتى كما أن الشاعر يرث اللغة بشكلها الصحيح ولكنه لا يرث التجربة والتي تعبر عن خطه الخاص الذي يبتدعه انطلاقا من وعيه بإرثه الإبداعي وبالنسق الثقافي الذي يعد خطابه جزءا منه”.
وترى اسبر أن الشاعر تجاوز مرحلة التجريب إلى نضج التجربة الابداعية من خلال وضوح الرؤية الشعرية وعمقها بدءا من الإيقاع الداخلي والخارجي وانتهاء بمستويات الدلالة معتبرة أن وعي اللغة في جميع مستوياتها جزء من الرؤية الفنية للشاعر ما يتطلب من الناقد لدى تقييم تجربة الشاعر المرور بالنسيج اللغوي للنص لأن اللغة هي الحامل الجمالي الأول والأخير للرؤية والصورة معا.
وأوضحت اسبر أن الرؤية الشعرية في دمشقيات الشاعر العتيق تقوم على جدل العلاقة بين الانا الشاعرة والمكان الذي تنتمي إليه وهي علاقة تتبدى فيها دمشق في صور متنوعة تفارق فيها طبيعتها المكانية فلا تظل مكانا أودع فيه الشاعر ذكريات صباه بل تختصر احساسه بالوجود فهي الماء والهواء والصوت والصورة مستشهدة بقصيدة دمشق يا سيدة العشق الأكبر.. “ابحث عنك .. خلف الأبواب المهجورة .. بين الأشواك .. بين رغيف ورغيف .. بين الحيطان وتحت الصورة .. بين الأصوات المبحوحة والمقهورة”.
وتابعت اسبر “تتبدى دمشق لدى الشاعر بصورة المحبوب وما تستقطبه من دلالات الجمال ففضاء صورة المحبوب مكون من معجم جمالي واسع مستمد من روح الطبيعة وتنضاف إليها عناصر وجدانية فتغدو فضاء لشعرية طافحة بالجمال وبالحب والحنين”.
أما الناقد الدكتور عبدالله الشاهر فقدم محورا بعنوان “في شذى الروح شعري” بين فيه انه لم يكن الشاعر العتيق الوحيد الذي وقع في حب دمشق فلقد سبقه وسيتبعه الكثير فدمشق تختزل كل النساء لذلك كان من السهل أن يكون العتيق أسير هواها وصريع جمالها مدفوعا بهوى الفيحاء وجدا يرتقي إلى حالة الفيض العاطفي واستشهد بقول العتيق في قصيدته “وجد وعشاق الشام”:
“وجدي تضرم في فؤادي المدنف .. وعدي لجلق في الهوى لم أخلف ولأن وجدي يا حبيبتي واله .. للشام منتصف وليس بمنصف إن غبت عنها فالحنين يشدني .. جمر الفراق كما السقام المتلف”.
وأشار الشاهر إلى أن التوحد والتماهي بين الشاعر والشام عفوي وطبيعي لا سيما أن الشاعر في هذه القصيدة بشكل خاص أودع كل ما يملك من عواطف وأشجان وأحزان واستحضر كل معالم التاريخ مستشهدا بأمير الشعر أحمد شوقي بأن صبا دمشق لوثته الأيادي البغيضة الآثمة المجرمة لكن دمشق ستبقى صامدة في وجه الغزاة وستنتصر لتعود البسمة إلى كل ما فيها حتى حجارتها.
واعتمد العتيق كما ورد في قراءة الشاهر على التكثيف في الصياغة والإيحاء والاختزال ليجمع ما يجب أن يقوله في بيت واحد أو مقطوعة شعرية حيث برزت السردية كملمح واضح في شعره وجاءت اللغة مكتنزة ومبسوطة لتجمع بين الوصف والسرد والحوار وبين المباشرة والتكثيف إلا أنها راعت فوارق المتلقين وأمزجتهم مع ثراء بالمباشرة والقدرات التعبيرية.
يشار إلى أن مجموعة شذى الروح شعري.. وجد وعشاق شآم للشاعر العتيق صدرت مطلع العام الحالي وتضمنت خمساً وثلاثين قصيدة من الشعر المنظوم.
محمد الخضر