دمشق-سانا
يسلط كتاب تصدير الثورة .. تكنولوجيا تدمير الدولة الضوء على المسعى الأمريكي والغربي عموما لتفتيت البلدان التي لا تسير في ركابها والتي ترفض أن تكون جزءا من منظومتها عبر إثارة أزمات داخلية ودعمها خارجيا وتصويرها عبر وسائل الإعلام الغربية كأنها ثورات.
وهذا الكتاب الذي تولى تأليفه أربعة من الباحثين الروس هم سيرجي قره مورزا والكسندر الكسندروف وسيرجي تيليغين وميخائيل موراشكين أثر قيام ما يسمى الثورة البرتقالية عام 2004 في اوكرانيا حيث كانت الموءشرات حينذاك توحي بان خطرا داهما يتهدد روسيا نفسها لان ما كان يحدث انذاك في مجال النفوذ
الجيوسياسي الروسي لم يكن ينم عن ظواهر عفوية بل يحمل سمات منظمة.
ويشير الكتاب الذي ترجمه إلى العربية عياد عيد إلى أن ما يسمى “الثورات الملونة” التالية لم تندلع في الفضاء الجيوسياسي الروسي بل جرت عام 2011 في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية وما زالت تداعياتها ماثلة أمام أعيننا حتى اليوم.
ويلفت الكتاب إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت ما يسمى تكنولوجيا الثورات المخملية في جورجيا عام 2003 بحجة تزوير نتائج الانتخابات البرلمانية حيث أجبر الرئيس الجورجي ادوارد شيفرنادزة على الاستقالة بنفس العام.
ويبين الكتاب أيضا أن احدى المراحل الرئيسية فيما يسمى الثورات المخملية هي أعمال العنف في الشوارع التي يقوم بها حشد غير مسلح وتجري عادة في عاصمة الدولة وان هذه الاعمال عبارة عن مسرحية سياسية كبرى توضع باستخدام وسائل تقنية وفنية خاصة وتبدي تأثيرا كبيرا قويا في وعي حشد الناس المنخرط فيها كذلك في وعي المشاهدين من خلال التلفزيون لتصبح هذه الحشود مسرحيات تستدعى لبثها وسائل الإعلام العالمية.
ويشير الكتاب إلى تباين تعاطي صناع السياسة الأمريكية مع هذه الظاهرة فالديمقراطيون يفضلونها بينما لا يخجل الجمهوريون من القيام بالتدخل العسكري المكشوف موضحا الدور الذي لعبه كل من جورج سوروس وجيمس وولسي أذ يعد الأول من انصار ما يسمى الثورات المخملية أما وولسي الذي اختلف مع بيل كلينتون وبات مقربا من المحافظين الجدد فهو من الدعاة البارزين للمقولة الاخرى صراع الحضارات.
وعن قيام الثورات المخملية في بلدان أوروبا الشرقية عام 1989 يوضح الكتاب أنها اندلعت كلها في وقت واحد عمليا بغض النظر عن المستوى المختلف لتطور هذه البلدان ولمستوى التناقض الاجتماعي فيها ولمدى سيطرة حكوماتها حيث قامت فيها جميعا تحركات داخلية وفقا لسيناريو متشابه في العام نفسه الذي تقرر فيه مصير الاتحاد السوفييتي كليا في المحادثات النشطة بين غورباتشوف والولايات المتحدة الأمريكية.
ورأى الكتاب أن الكثيرين من المفكرين عبر التاريخ توصلوا إلى نتيجة مفادها “أن الطريقة الوحيدة للانتصار على الثورة هو انجازها” أي الاستحواذ على طاقتها وتغيير وجهتها إلى أهداف مغايرة واليوم نرى بعد مضي سنوات على بدء الأزمة في سورية كيف اختفت تلك الشعارات البراقة كالحرية والديمقراطية والعدالة وغيرها لتحل محلها الاهداف الحقيقية الكامنة وراء هذه الأزمة وهي تدمير الدولة السورية.
يذكر أن عنوان الكتاب الاصلي بالروسية هو تصدير الثورة ..يوشينكو ساكاشفيلي ويوشينكو هو السياسي الذي حملته الثورة البرتقالية عام 2004 إلى سدة الحكم في أوكرانيا وساكاشفيلي هو الرئيس الجورجي الذي حل محل شيفرنادزة بنتيجة الثورة الجورجية عام 2003 حيث اضطر مترجم الكتاب إلى تغيير العنوان
لأن هذين الاسمين لا يعنيان الكثير لدى عامة القراء لدينا وان بقاء العنوان على حاله قد يوحي بأنه يتحدث عن أمور لا علاقة لنا بها بحسب رأي المترجم.
يشار إلى أن الكتاب يقع في674 صفحة من القطع الكبير وهو من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب.
شذى حمود