حمص-سانا
جراحها النازفة واعاقتها المفاجئة وهي في مقتبل العمر لم تقف عائقا أمام إرادة الشابة زينب الحجازي التي أردتها رصاصة قناص إرهابي أرضا ذات ظهيرة دموية لتستفيق على شلل في ثلاثة من أطرافها وإعاقة في النطق وهي على مشارف التقدم لامتحانات الثانوية العامة ورغم حجم الفاجعة إلا أن الحزن واليأس ضل طريقه إليها أمام قوة تصميمها وشغفها بالحياة لتمسك بيديها مرة أخرى زمام حياتها ومستقبلها مبرهنة للعالم أن القوة والصحة تنبع من الداخل الإنساني ومن الإيمان العميق بالذات أولا و أخيرا.
تجري الرياح كما تجري سفينتنا فنحن الريح ونحن البحر والسفن.. بهذه الكلمات افتتحت الجريحة الشابة الحجازي حديثها لنشرة سانا الشبابية لتروي قصة إصابتها وما تلاها من مراحل تحد وصبر حيث أوضحت بداية أنها أصيبت قبل عامين أثناء مرورها برفقة والدتها وشقيقتها في منطقة العباسيين في حمص بطلقة قناص إرهابي في رأسها ما ادى إلى إصابتها بالشلل في ثلاثة من أطرافها وفقدانها النطق لمدة تسعة أيام.
وأشارت زينب التي تهوى الرسم وتكتب الشعر منذ سنوات إلى أنها ولدى استيقاظها في المستشفى بعد الإصابة لم تصدق ما آلت إليه حالتها بل شعرت أنها تعايش كابوسا مرعبا وتود الاستيقاظ منه سريعا لكنها وبعد خروجها من المشفى بعد تسعة أيام ادركت أن الأمر واقع لا بد من التأقلم معه والتغلب عليه.
وأضافت..”لدى خروجي من المشفى لم أكن استطيع النطق بعد ونظرا لمعرفة أهلي بأنني من محبي الغناء ولا سيما الأغاني الوطنية فقد لجؤوا إلى وضع هذه الأغنيات على مقربة مني فما إن تناهت كلماتها إلى مسامعي حتى بدأت بالغناء معها ليتفاجأ الجميع وأنا منهم بأنني أعاود النطق إنما ليس بشكل صحيح مئة بالمئة وهنا بدأ دوري حيث أخذت أمرن نفسي لساعات وساعات من أجل أن تعود مخارج الحروف لدي إلى طبيعتها واستطعت بعد وقت لا بأس به من النجاح في هذه المهمة”.
وبينت زينب التي كانت أحد أعضاء فريق حمص التطوعي أنها كانت تجهز نفسها قبل الإصابة لتقديم امتحانات الثالث الثانوي لكن الحدث الجلل في حياتها قد اعاق مسيرتها الدراسية فلم تستطع تقديم امتحاناتها إلا أنها لم تيأس أبدا بل تمكنت بالرغم من أوجاعها وخضوعها للعديد من العمليات الجراحية وبتشجيع من أهلها وأصدقائها في فريق حمص التطوعي من تدريب يدها اليسرى على الكتابة نظرا لأن يدها اليمنى أصيبت بالشلل ومن ثم تقديم امتحاناتها في السنة التالية لإصابتها حيث حققت نتائج جيدة.
مجموع علامات الشابة ذات الإرادة الحديدية أهلتها لدخول قسم المناهج بكلية التربية في جامعة البعث لتحقق حلمها في أن تكون طالبة من طلاب الجامعة حيث تمكنت كما قالت من متابعة الدراسة في السنة الأولى بالجامعة وقد عملت ودرست بجد كبير بموازاة مواظبتها على العلاج وتدريب رجليها ويدها لتستعيد شيئا من حركتها وقدرتها على المشي مؤكدة أنها وبالرغم من صعوبة جلوسها لوقت طويل على مقاعد الدراسة وصعوبة وصولها إلى الجامعة فقد تمكنت من الترفع إلى السنة الثانية بجدارة وهي الآن تستكمل عامها الثاني في الجامعة كما تحسن وضع قدميها حيث باتت تستطيع الوقوف عليهما لبعض الوقت متجاوزة بذلك مرحلة كبيرة من العلاج.
أكثر من ذلك تؤكد زينب أنها تجاوزت مرحلة صعبة من حياتها لأن اليأس لم يتمكن من طرق أبوابها وبذلك تسعى اليوم إلى مواصلة مسيرة نجاحاتها حيث عاودت الرسم بيدها اليسرى كما أنها عادت لتكتب الشعر من جديد وكانت آخر قصائدها عبارة عن رسالة يوجه فيها الشهيد رسالة لأمه قالت فيها.. جيتك ياأمي جيتك … جيتك بوس ايدك..جيتك والله مو قصدي كيدك .. جيتك والله مو قصدي كيدك … ياأمي لا تبكي ..بعرسي بدي دبكي”.
واختتمت بالإشارة إلى أنها انضمت في وقت لاحق من إصابتها إلى فريق “صامدون رغم الجراح” الذي يضم العديد من الشباب الجرحى من ضحايا الإجرام الإرهابي وقد منحها الفريق الكثير من القوة و الثقة جراء التفافه حولها ودعمها معنويا إلى أبعد حد لافتة إلى أن الإصرار والتفاؤل والتمسك بالأمل يمكنه أن يغير حياة الإنسان ويحقق المعجزات.
صبا خيربيك