الشريط الإخباري

لماذا كل هذا الحقد المنفلت من عقاله؟-صحيفة تشرين

مازال سؤال حائر يدور في خلد الإنسان السوري العادي: لماذا كل هذا الحقد على سورية؟ إنهم يعاملونها كما لم يعاملوا النازية والفاشية، وهم يحاولون تدميرها ليس جسداً فحسب وإنما بالقضاء على روحها التي تتمثل بآثارها الخالدة في تدمر وحلب وغيرها… فلماذا؟ لماذا؟..

ربما تركز الأجوبة على مواقف سورية وسياساتها طوال عقود منذ الاستقلال، أو لعل السبب هو في عدم ارتهان سورية للبيوتات المالية العالمية عبر الديون، وهو الأمر الذي حرر هذا البلد من أي تهديد بلقمة عيشه. هل هي علاقاتها بإيران البلد «المغضوب عليه» أمريكياً؟.. كلها أجوبة لها مايسوغها.. لكنها تبقى قاصرة عن تفسير هذا الحقد المنفلت من عقاله، فمواقف سورية الاستقلالية تقليدية وليست جديدة. كانت كذلك حتى في الخمسينات عندما رفض السوريون الانضمام إلى حلف بغداد وعندما اتجهوا لبناء علاقات مع الاتحاد السوفييتي، واختاروا الحياد في باندونغ..

أما تعزيز الاستقلال السياسي باستقلال اقتصادي بعيداً عن رق الاستدانة فهذا أمر – على الرغم من أهميته – لا يتطلب كل هذا الكم من الحقد. وحتى العلاقة مع إيران فليست جريمة لا تغتفر بما أن الدول الست العظمى تقضي الأيام الطوال في مفاوضات لكسب ود طهران أو للتصالح معها بشكل أو بآخر..

الجواب في مكان آخر.. «جريمة لا تغتفر» ارتكبتها سورية عندما تمكنت مع المقاومة اللبنانية من الانتصار الموصوف على «إسرائيل» وهو من الانتصارات المهمة جداً منذ نشوء الصراع مع الصهاينة.

كان بن غوريون يقول: يستطيع العرب تحمل الهزيمة عشرات المرات، لكن «إسرائيل» ستنتهي عند أول هزيمة. فكيف إذا انتصرت سورية والمقاومة ثلاث مرات، عام 2000 و2006 و2009؟..

ألا نتساءل جميعاً: ما الذي قضى على صدام حسين؟ كان الرجل ينسق معهم حين دفعوه للحرب مع إيران، وعندما زينوا له احتلال الكويت ثم أخرجوه منها ولم يغضبوا عليه. لكن «الجريمة» ارتكبها صدام عندما قرر إرسال الأموال لأهل كل من يقوم بعملية انتحارية في فلسطين المحتلة. بذلك تخطى الخط الأحمر فكان أن صدر بحقه «حكم الإعدام»..

هل نتذكر سوية كيف هرع زعماء العالم إلى شرم الشيخ ومنها إلى «إسرائيل» عام 2009 بعد انتصار غزة «بصواريخ سورية وغذاء سوري» كما قال السيد حسن نصر الله؟ هل نتذكر مؤتمرهم الصحفي مع أولمرت يهدئون من روعه ويعدونه بأنهم سيعاقبون كل من أذل «إسرائيل»؟

بعد ذلك تجرأ نصر الله على القول: إن الحرب القادمة لن تكون على أرض لبنانية أو سورية وإنما هناك «عندهم» على أرض الجليل. فهل تريدونهم أن يسكتوا عن سورية؟؟..

لا أقول هذا لأثبط العزائم وإنما لأحفزها، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وسورية ليست صدام حسين الذي سبق أن نسق معهم فكان من السهل عليهم ضربه… سورية منذ البداية لم تثق بهم… فعرفتهم معرفة كاملة، وهذا هو أهم عوامل صمودها..

بقلم: مهدي دخل الله