واشنطن تعتلي ذروة الحماقة والنفاق .. ومستنقع الخطيئة ينتظرها-صحيفة الثورة

تَحرّش الولايات المتحدة الأميركية بالقوى الدولية الكبرى التي تتخذ منها بلا مبررات خصماً سياسياً واقتصادياً لها، وسعي البيت الأبيض لاستدراج هذه القوى للمواجهة في عدة ميادين، قد يتطور هذا أو ذاك لأسباب متعددة ليس آخرها تهور وحماقة السياسة الأميركية، لتتحول الحرب الباردة التي تُسخنها واشنطن إلى مواجهة حقيقية توحي ممارساتها بالرغبة فيها، لاسيما من خلال تعمُدها إجراء المناورات العسكرية المتكررة مع الناتو على تخوم روسيا وإيران وغير بعيد عن الصين.‏

التحرش الأميركي، وافتضاح علاقة واشنطن بالتنظيمات الإرهابية وبالبيئة الخليجية (السعودية) المنتجة لها، يضاف إلى ذلك سلوكها العدواني وانعدام الثقة بها، لا شك أنه يُسقط ادعاءاتها ويجعلها فارغة من كل مضمون سواء تعلقت بالحرب على الإرهاب أم بالسعي المزعوم لحفظ السلام والأمن الدوليين، وتُثبت الوقائع يوماً بعد آخر أن كل ادعاءات أميركا هي ادعاءات زائفة مخادعة، وقد سبق لدول المنطقة والعالم أن كشفتها وعرتها غير مرة.‏

اليوم ربما تكون الولايات المتحدة قد بلغت ذروة الحماقة والنفاق التي اعتلتها بإرادتها، وإذا كان من شأنها أن تفعل ذلك أو لا تفعل، فإنه بالمطلق ليس من شأن الأطراف الأخرى أن تستمر بمراقبة جنونها وتهورها وتحذيرها من خطورة ما تقوم به، وليس من مسؤولية الآخرين بعد اليوم أن يبحثوا لها عن مخرج آمن أو عن سلالم تقيها خطر السقوط.‏

وإذا كانت الولايات المتحدة ترى في الدواعش حالياً فرصة استثمارية لا تنتهي، فإن القوى الدولية والإقليمية لن تستطيع انتظار اكتشافها للأخطاء الكارثية التي ترتكبها، وإذا صح ما يُروج له من أنها ربما ستجد بجبهة النصرة – فرع تنظيم القاعدة في سورية – الشريك القوي لها في حربها المزعومة ضد الدواعش، فلها أن تلعق تصريحاتها وتصنيفاتها لـ (النصرة) وغيرها من التنظيمات الإرهابية، لكن ذلك لن يُغير في طبيعة شركائها الإرهابيين الحاليين واللاحقين، ولا في حقيقتها، وبالتأكيد لن يُغير شيئاً في الطرف الآخر الذي قرر مكافحة الإرهاب بكل أشكاله، ولن يغير في مسارات وإنجازات السياسة والميدان التي تقهر واشنطن وأذيالها.‏

يخطئ البيت الأبيض كثيراً إذا اعتقد أن محاولات التوسع بالناتو ستنجح مع روسيا وستجعلها تستسلم لإرادته، ويرتكب خطأً كبيراً إذا اعتقد بأن سياسات الاحتواء والهيمنة والتهديد ستجدي مع الصين أو ستعوق نموها، ويقتـرب من حافة الهاوية إذا استمر بتحالفه مع الإرهاب التكفيري على قاعدة أنه يمثل الأداة الفعالة والطريق الأقصر لتحقيق أهدافه المشتركة مع الصهيونية بضرب محور المقاومة، وسيقع في مستنقع الخطيئة إذا اعتقد أن كل ما تقدم سيُسهم بتحقيق هوس الأحلام الإمبراطورية الخاصة به، ولينظر في ركام مشاريعه التي تتكسر هنا وهناك لعلها تردعه.‏

بقلم: علي نصر الله