ما دور صفّ الإرهاب الأول في مؤتمر باريس القادم؟!- صحيفة تشرين

الغريب في الأمر، أن هناك مؤتمراً دولياً ستنظمه وزارة الخارجية الفرنسية أوائل أيلول القادم، «لمناقشة وضع الأقليات في الشرق الأوسط»، وحصراً في سورية والعراق.. والغرابة ليست في انعقاد المؤتمر، وإنما لكونه المؤتمر الثالث الذي تدعى له عشرات الدول من دون فائدة أو جدوى، أو هدف إلا لتثبيت الإرهاب وليس مكافحته.. ومن هنا كان الأكثر غرابة هو النقاط الثلاث التي سيناقشها هذا المؤتمر، والأهم فيها العنصر الثاني الذي يتحدث عن الإجراءات القانونية اللازمة بحق مرتكبي الاضطهاد ضد الأقليات، ضحايا العنف الديني والعرقي مثل المسيحيين في سورية، والايزيديين والصابئة في العراق والذين يتحملون العبء الأكبر من انتشار الإرهابيين في سورية والعراق.

المؤتمر المزمع عقده سيشارك فيه حوالي ستين دولة، من بينها الولايات المتحدة صاحبة المبادرة السابقة، وخطة أمريكا في محاربة «داعش» موضوع المؤتمر في العام الماضي، والمؤتمر الآخر الذي بنت عليه واشنطن «استراتيجيتها في محاربة داعش وتحقيق النصر عليه»، والذي انعقد في الشهر السادس من العام الحالي.. والمؤتمر الأحدث الذي  سيعقد في أيلول القادم والذي سيكون نصيب المشاركة فيه أيضاً للسعودية وتركيا، فضلاً عن العديد من المنظمات الدولية، حدد في نقاط مناقشته أنه لن يناقش المسألة العسكرية، ضمن جدول المؤتمر, وإنما سيكون المحور سياسياً إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين في حالات الطوارئ..

لكن الأهم من هذا وذاك، هو ما سيتم اعتماده فيه من «خطة باريس» التي أكدت فيها صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية أن على الدول جميعها المشاركة في تنفيذها..

اللافت فيما تقوم عليه الدبلوماسية الفرنسية، التي كثيراً ما تعرب عن خوفها من تمدد الإرهاب، وقد ذاقت طعمه فيما جرى على أراضيها سابقاً، وبما وُصِفَتْ مؤتمراتها السابقة بأنها تراهن على أوراق محروقة في الوقت الذي بدت فيه السياسة الأمريكية -من منظور تحليل المؤتمرات ذاتها- أنها تعتمد على دول بعينها عربية وإسلامية، في مقدمتها السعودية وتركيا، بمنحها دور «التغطية» على الأهداف الأمريكية في المنطقة، وتنفيذ ما يطلب منها حرفياً.

فإذا كان هذا المؤتمر نسخة الطبعة الثالثة المكررة من مؤتمرات باريس فهو الأمر الذي لن يضيف إلا كما أضاف سابقاه من نقاط باتت معروفة للجميع، وإلا ما معنى مثلاً أن تقوم باريس بالعودة إلى المتاجرة بضحايا ما سمته العنف الديني والعرقي، في الوقت الذي تعرف سلفاً من يمارس هذا العنف والاضطهاد في بلد كان أبناؤه من الطوائف والأعراق المتعددة يعيشون جنباً إلى جنب في أفضل ما شاهدته الإنسانية جمعاء، وفي أفضل ما رأوه من سياسة العدالة والحرية في مجتمعاتهم، والمقصود سورية التي عرفت بتعايش أهلها الديني المنفتح على مفاهيم العدالة الاجتماعية والحرية في المعتقد والممارسة؟.

فعلى ماذا ستراهن فرنسا، ودول دعم الإرهاب معها، في العزف على هذا البند، وهي تعرف أن الإرهاب الممتد مصنعوه وأدواته سيشكلون بنيان الصف الأول في مؤتمرها، وهي العصا الغربية ليد أمريكا في تنفيذ الخطط الموضوعة من لوبي أمريكا الصهيوني؟

وتالياً، مادامت فرنسا هولاند، البند الغربي المتقدم في السياسة الأمريكية فهي القيمة المضافة عند أمريكا في لعب دور التغطية مع مثيلاتها من الأدوات العربية، والإقليمية في سيناريوهات الحرب القادمة، لأن ما تمارسه كخطوات متقدمة من التعمية الدولية، في هذه المؤتمرات الدولية التي لا تضيف إلا المزيد من الانكشاف والكشف عن الأدوار المتبادلة في لعبة السيرك وأبطالها في المنطقة، لن تحصد منه إلا ما جنته أيادي كل اللاعبين المهرة في دعم الإرهاب وتمدده، وأولهم الأدوات ممن يجري الاعتماد عليهم: السعودية، وتركيا.. الموكب المتقدم لسادة الإرهاب في العالم الذين سيلتزمون «بخطة باريس» المنتظرة القادمة مع أسيادهم بالتأكيد!

بقلم: د. رغداء مارديني

انظر ايضاً

تشرين .. انتصارُ الانتماءِ على السلاح.. بقلم: ناظم عيد

“حاربْ عدوك بالسلاح الذي يخشاه، لا بالسلاح الذي تخشاه أنت”.. حكمةٌ شهيرةٌ منقولةٌ عن المهاتما …