عندما يفكّر الفرد في قيمة الفعل في عزّ الشدائد والمؤامرات والحروب والفتن، فلا يجد غير الجيش الذي قدّم الولاء، وأقسم اليمين على أن يعلي شأن وطنه، ويحمي حدوده، وأراضيه، وسيادته في وجه كل من تسوّل له نفسه أن ينال من الأرض والعرض.
وفي ميزان فعل القيمة، والتضحية، والشهادة، كان الجيش العربي السوري، عنواناً ونبراساً يحتذى به فيما قدمه من معان وتضحيات في حرب القرن التي شُنّت على سورية، من قوى الاستكبار العالمي، ومن الصهيونية العالمية التي تسعى لتحقيق مشروع التقسيم الذي آلت على نفسها تنفيذه في هذه البقعة الجغرافية المباركة في الأصل، والعمق، والسيادة، والمقاومة.
الجندي العربي السوري، على رتبه المختلفة، حاز رفعة الرتبة وسموها، للبذل السخي، والعقيدة العسكرية المتماسكة التي نشأ عليها، فلم يعد لجيشه عيد الأول من آب فقط، لأن كل أيامه، على مدار العام، أعياد جسّدت للنصر آيات عظمى، وللتضحية، أمثولة كبرى، وللميدان موقعاً أذهل العالم بقوة الصمود والتفاني والشهادة.
والمتطلّع اليوم إلى ذاك الانتشار والتمركز والتمدد على جغرافية الوطن، يلحظ كم حافظ الجيش العربي السوري، وكم ساهم، وخلق عنصر الاستقرار والأمان، في كل بقعة يحلّ فيها، حتى إنه نال وسام المجتمع الإنساني والعسكري الأول ليزين صدر أهم جيش عربي في العالم تعامل مع الأحداث والحرب المؤسفة على بلاده بما يليق بالأخلاق الممزوجة بالقوة المانعة للإرهاب من النيل من أراضيه، بالرغم من حالة الكرّ والفرّ، وتعامل المؤامرة مع الإرهاب في بسط سيطرتها على بعض المناطق ترويعاً وقتلاً وهمجية، كان الجيش يعود سريعاً ليزلزل الأرض فيها تحت أقدام هذا الإرهاب التكفيري.
الأول من آب، تقويم في احترام الجيش العربي السوري الكبير الذي أعطى للشهادة رمز الخصوبة الممزوجة بالدم المقاوم، فيما سيذكره تاريخ التقويم نفسه، وفيما ستسطره أبجديات الرقم، في بلد الأبجدية الأولى.. عندما ستقول للأجيال القادمة: إن الحرب الكونية التي اتخذت من السنوات الخمس ميداناً لها، لم تستطع أن تحني هامات الجيش العربي السوري، ولا أن تكسر عقيدته المقاومة في الدفاع عن أرضه وعرضه، على الرغم من المتخاذلين والخونة الذين ارتموا في أحضان أعداء الوطن، وارتزقوا من أموالهم وبترودولاراتهم، وكانوا الأدوات الرخيصة التي باعت تراب الوطن الذي لن يعوض.. وباعت إخوتها في السلاح والدفاع.
الأول من آب.. تقويم الاحترام، ورفع الهامات والافتخار بجيشنا العظيم، الجيش العربي السوري.. منه ينبع الكبرياء والعزّة، وفيه وله تزغرد النساء، لتطول عنان السماء، في آهات الأمهات الثكالى، ودعاء أمهات الشهداء وعوائلهم، أن يحفظ الله سورية، عصية على كل المؤامرات والحروب والفتن، عزاء لكل الأرواح الطاهرة التي ارتقت إلى العلياء فدى لهذا التراب الطاهر.
وعلى وقع عزف لحني الشهيد ووداعه، وبالصمود الأسطوري تقف الهامات الخاشعة، في إعلان الفخار، ترفع اليد بالتحية إلى كل مواطن سوري شريف وعى حجم المؤامرة والحرب على سورية، فتصدى لها، وكان مع الجيش العربي السوري وقائده في الخندق المدافع عن الوطن نفسه.. وكلّ التحية والإجلال لحماة الديار في عيدهم.
بقلم: رغداء مارديني