القسم أمام كل السوريين..-الوطن السورية

لم يشأ الرئيس الأسد أن يفتتح ولايته الجديدة والأولى في ظل الدستور الجديد بقسم تقليدي يدليه أمام أعضاء مجلس الشعب كما كان في السابق، أراده قسماً استثنائياً أمام شعب استثنائي، فأدّاه أمام ممثلين عن كل الشعب، وخاصة من الذين تعرضوا للأذى والخسارة التي لا تعوض، وبقي صامداً، ومنهم من ترجم انتماءه للوطن بأعمال منتجة فتميز بأعماله، وكذلك أمام من هدد وخطف وتعرض للإصابة إلا أنه أبى أن يتخلى عن واجبه الوطني فاستمر بعمله بجد وجهد.
أكثر من ١٣٠٠ مدعو استنفروا مراسم الدولة السورية تلبية لدعوة حضور أداء القسم الدستوري، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما يتسعه مجلس الشعب، حيث كانت تعقد مراسم القسم الدستوري عادة..
أدق التفاصيل تم الاعتناء بها داخل قصر الشعب، بدءاً من بطاقة الدعوة المميزة التي أخذت شكل بوابة التاريخ دمشق وتضمنت تفاصيل مراسم القسم مروراً بترتيب الجلوس داخل القاعة الرئيسية واللباس الموحد لموظفي المراسم، وصولاً إلى الياسمين الذي نثر ليزين بحرات القصر الدمشقية والصابون الحلبي التقليدي المصنوع يدوياً، والمناشف القطنية السورية، وكل ما يدعو للاعتزاز والفخر بالتاريخ والحضارة والصناعة السورية في كل محافظات الوطن.
تبقى الرسالة الأهم في حدث الأمس رغبة الرئيس بشار الأسد الحقيقية في تأدية القسم الدستوري أمام كل الشعب السوري الذي كانت له التحية الأكبر في خطاب القسم وكان محوره.. كان يريده خطاب الوفاء لسورية ولدماء شهداء سورية وخطاب العهد من أجل سورية أكثر إشراقاً مما كانت عليه على مد العصور، وبدا ذلك واضحاً من خلال الحضور الذي تمثل بكل شرائح المجتمع السوري من أهالي شهداء الجيش والمدنيين والدفاع الوطني، مروراً بالكتاب والصحفيين ونجوم الدراما السورية ورجال الأعمال ورجال الدين والطلاب المتميزين والمتفوقين وصولاً إلى ضباط يمثلون مختلف القطع العسكرية السورية إضافة لأعضاء مجلس الشعب وقيادة حزب البعث والحكومة وأمناء عامين للأحزاب السورية والمحافظين ورؤساء النقابات وأعضاء المحكمة الدستورية العليا واللجنة الوطنية لإعداد الدستور والحاصلين على وسام الاستحقاق السوري وأبطال الجمهورية ورؤساء الحكومات ومجلس الشعب السابقين منذ عام ١٩٧٨، وأطباء وممرضين ومتطوعين، فجميعهم كان حاضراً بشخصه أو بمن يمثله وما يمثله، فشكلوا صورة ناصعة عن سورية وتاريخها وحضارتها ومستقبلها الذي حدده السوريون ورسموه من خلال صمودهم وتحديهم لأكبر عدوان يشن في التاريخ على دولة ذات سيادة.
خطاب الأمس كان خطاباً موجهاً للسوريين الذين يستحقون سوريتهم.. خطاباً تحدث عن صمودهم وتضحياتهم وعن مستقبلهم.. وخطاباً لامس آلامهم وهمومهم وأيضاً بطولاتهم.. كان خطاباً أعلن انتصار الشعب السوري وانتصار ثورته ضد قوى الظلام.. خطاباً حدد أولويات المستقبل وأعلن بدء مرحلة جديدة، مرحلة البناء والتحدي بالتوازي مع استمرار الحرب على الإرهاب التي سينتصر فيها بواسل الجيش العربي السوري حتى تحرير آخر بقعة دنسها الإرهاب من تراب الوطن.
خطاب أعاد التذكير بالثوابت الوطنية وبالقضية الفلسطينية.. خطاب تحدث فيه الرئيس الأسد عما تواجهه المنطقة منذ احتلال العراق حتى يومنا هذا، وكيف تزامنت المخططات مع بعضها البعض لتقسيم المنطقة وتدميرها.. خطاب عكس الصورة الحقيقية لسورية وللسوريين من رقي وحضارة وصمود وتحدٍّ وحب وإنسانية لا مثيل لها عند أي من شعوب المنطقة..
إنه خطاب الحوار.. حوار السوري مع السوري ومن أجل سورية والسوريين…
بقلم: رئيس التحرير