«الدفاع المعتدل»!-صحيفة تشرين

لا تحمل السياسة الأميركية للمنطقة سوى الصراع الطائفي والمذهبي الذي تخترع أميركا بيئته السياسية وتغطي الأنظمة النفطية الرملية الخليجية نفقاته وتكاليف تداعياته ويكون لشركات السلاح الأميركي حصة في عوائد استعاره، ولشركات الإعمار والنفط حصة في عوائد أرباح إعادة بناء ما دمّرته السياسة الأميركية في البلدان الهدف.

جنرال من وزن ديفيد بترايوس، القائد السابق للقيادة الأميركية المركزية التي تنسق العمليات العسكرية الأميركية في العالم كلّه، والمدير السابق لـ«سي آي إيه»، صريح جداً في كشف سياسة الفتنة الطائفية كأحد مرتكزات السياسة الأميركية في المنطقة، وهاهو في تصريحات له لوسيلة إعلام نفطية يؤكّد أنّ الحل الوحيد للقضاء على داعش يكمن (بتشكيل قوات عربية من طائفة محددة معتدلة على الأرض السورية).

هذه النقطة الأخطر في كل تصريحاته التي مرّت من دون إضاءة في شتى وسائل الإعلام المنخرطة في الحرب السورية (هجوماً، أو دفاعاً، أو تفرّجاً، أو تأرجحاً..)، وإنّ كانت الفضيحة في تحديد بترايوس (لطائفة معتدلة ينحصر فيها حق الدفاع عن الوطن السوري في وجه التطرف والإرهاب) وفق مفهومه، فإنّ البيت الأبيض لا يشعر بفضائحيتها التطبيقية إذ تجمّلها السياسة الأميركية بمصطلح ومشروع رسمي علني (المعارضة المعتدلة) التي تجدها واشنطن الحل الوحيد لمستقبل سورية!.

من عادة بترايوس وشتى المسؤولين الأميركيين وهم في سدة المسؤولية أو بعدها الحديث بالطوائف والمذاهب والانتماءات الجزئية خصوصاً عند تناولهم للوضع العراقي والسوري..، وهي تصريحات تعني السوريين قبل غيرهم، وعليهم الإمعان في حقائق السياسة الأميركية التي من مواصفاتها أنّها الصّانع الأوّل للإرهاب لكنّها (خطاب مزدهر عن الالتزام بالقيم)!. هذه القيم الخدّاعة ضلّلت قسماً من السوريين وورطت كل من تجاهل دهاء السياسة الأميركية في غزو قيم الدول المستهدفة، إذ يسخّف العمل الأميركي بالأدوات الميدانية والإعلامية والسياسية بقيمة دفاع السوري عن وطنه أمام (داعش) فيحصره بـ(لون مذهبي)، بينما الحل السياسي بلون من المعارضة يرسمه ناتو..!.

ويزدحم الخطاب الإعلامي والسياسي لمنظومة العدوان على سورية بسمّ التعامل مع وقائع ومعطيات الحرب من خلال إسقاط المفاهيم الوطنية للمجتمع السوري المتنوّع وتشويه محفّزات الدفاع عن الوطن، ويركّز ذلك الخطاب على تحويل التنوّع الاجتماعي إلى تنويع في وسائل الحرب كضمانة استنزاف للمجتمع السوري معنوياً وثقافياً بما يكمّل باقي الاستنزافات.

الحديث هنا يعني السوري المضلل والتائه.. حتى يفهم أو تلفظه سورية كنتيجة طبيعية لمن تخلّى عنها.

بقلم: ظافر أحمد