السويداء-سانا
تسهم التجارب التي طبقها الباحث في مركز البحوث العلمية الزراعية بالسويداء الدكتور إيهاب أبو خير في مجال الزراعة الحضرية لتأمين مصدر بديل لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحسين مستوى المعيشة للاسر داخل المدن عبر استغلال أجزاء من الشرفات واسطح المنازل أو المساحات البينية بين كتل الأبنية أو المتاحة أمامها وخلفها لزراعة المحاصيل المختلفة.
وأضحى من الممكن بنتيجة هذه التجارب الناجحة زراعة الخضار كالخس والبندورة أو بعض أنواع الفاكهة كالليمون والعنب والخوخ أو نباتات الزينة وزهور القطف والنباتات الطبية والعطرية بالاعتماد على نموذجين صممهما الباحث أبو خير للزراعة الحضرية على الشرفات والأسطح بحسب ما يوضح لمراسل سانا في السويداء حيث تم تصميم النموذجين بالاعتماد على أنابيب بلاستيكية بقطر 3 إنش تم ربطها مع بعضها بحيث تشغل أقل مساحة ممكنة وتتيح التكثيف الزراعي /أكبر عدد من النباتات بوحدة المساحة/ مستخدما في تجاربه المحاليل المغذية للتعويض عن العناصر الموجودة في التربة.
وتميزت هذه التصاميم وفقا للباحث أبو خير بتوفير 70 إلى 80 بالمئة في الماء المستهلك بالزراعة التقليدية وإمكانية الاستثمار الأمثل للمكان المزروع حيث يعادل كل 100م2 تقريبا /1/2/ دونم في الزراعة التقليدية من حيث عدد النباتات في وحدة المساحة مشيرا إلى أن النباتات التي تم اختبارها في هذين التصميمين تضمنت المحاصيل الشتوية كالملفوف والزهرة والخس والمحاصيل الصيفية البندورة والفليفلة والباذنجان إضافة إلى العديد من المحاصيل الدائمة مثل البقدونس والنعنع والبصل كما تم اختبار العديد من نباتات الزينة المزهرة وغير المزهرة.
ويشير الباحث إلى ضرورة التوجه لهذا النوع من الزراعة في المحافظة لدوره في خفض تكاليف إنتاج الخضار من خلال الإنتاج في نفس مكان الاستهلاك والحصول على منتج نظيف بدون استخدام مبيدات أو مواد كيميائية إضافة لمساهمته في توفير المياه خاصة أن المحافظة فقيرة بمصادرها المائية فضلا عن استغلال الأسطح وتحويلها إلى مناطق منتجة وخضراء تساعد على تنقية الهواء وتعطي مظهرا جماليا للبناء وتطيل عمره.
وتقوم الزراعة الحضرية كما يوضح الباحث أبو خير بدون وجود تربة مع الاعتماد على محاليل مغذية بغية تخفيف الحمولات على الأسطح وتقليل المسببات المرضية الموجودة عادة بالتربة مبينا فوائدها الاقتصادية والمتمثلة بخلق فرص عمل وحل مشكلة ارتفاع أسعار الغذاء نتيجة ازدياد تكاليف النقل والتسويق وزيادة الإنتاج الزراعي كون الغلة في الزراعة الحضرية أعلى من 4/ إلى10/ مرات مقارنة بمثيلتها في التربة نتيجة التكثيف الزراعي اضافة الى فوائدها البيئية من خلال تأمين مساحات واسعة بالمدن أكثر صحة وخضرة والتحكم بدرجات الحرارة داخل المباني بفضل النباتات التي تعمل كعازل حراري للسطوح وبالتالي توفر كثيرا في كمية التدفئة أو التبريد اللازمة لتعديل الحرارة داخل الأبنية فضلا عن دور السطوح الخضراء في امتصاص الصوت وخفض ضوضاء المدن المزدحمة وخاصة إذا كانت المنازل قريبة من الطرق العامة والمطارات.
ويضاف إلى مزايا الزراعة الحضرية وفقا للباحث أبو خير فوائد صحية كثيرة كتأمين غذاء صحي طازج وفوائد اجتماعية عبر تنمية روح التعاون والتطوع بين السكان للقيام بزراعة الأسطح والشرفات وزيادة حب الأطفال للنبات وتخفيض العزلة الاجتماعية الناتجة عن ضغوط العمل داخل المدن وتأمين عمل يشغل أوقات الفراغ لدى كبار السن وخاصة المتقاعدين منهم.
وانطلاقا من تلك الفوائد يدعو الباحث إلى “زيادة الاهتمام بالزراعة الحضرية وإصدار التشريعات الناظمة لها في سورية وبدء تطبيقها على المباني الحكومية والمدارس والتعاون مع نقابة المهندسين لوضع مواصفات البناء الأخضر”.
بدوره يرى مدير مركز البحوث العلمية الزراعية بالسويداء الدكتور مشهور غانم أن هذا النوع من التجارب يشكل مصدرا آخر للزراعة وبديلا لتوفير الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي لاسيما في ظل “نقص كمية الغذاء على الصعيدين المحلي والعالمي” ما يسهم في الحد من الفجوة الغذائية وبالتالي لابد من التشجيع عليها وتطبيقها والاستفادة من مزاياها.
وتتضمن تكاليف الزراعة الحضرية وفقا للتصميمين الجديدين كلفا ثابتة متعلقة بثمن الأنابيب البلاستيكية والأصص الصغيرة التي ستستخدم في الزراعة واخرى متغيرة تشمل تكاليف المحلول المغذيوالشتول والمكافحة.
عمر الطويل