اللاذقية-سانا
مياه الجفت واحدة من المخلفات الصناعية التي يمكن الاستفادة منها بدلاً من تركها كملوث للبيئة، وذلك عبر استخدامها بشكل مدروس وعلمي يخدم التربة الزراعية والنبات كمادة عضوية رديفة ومكملة للسماد الكيميائي إن لم تكن بديلة عنه.
عدة ورشات عمل سلطت الضوء على الآثار البيئية لمياه الجفت وسبل الاستفادة منها بشكل علمي منها تلك التي أقامها المعهد العالي لبحوث البيئة بجامعة تشرين بمناسبة يوم البيئة الوطني مؤخراً تحت عنوان “الآثار البيئية وطرائق معالجتها”، حيث بين المدرس في كلية الزراعة بجامعة تشرين الدكتور عيسى كبيبو أن نواتج عصر ثمار الزيتون في سورية تبلغ سنوياً حوالي 800 طن من مياه الجفت، وهي بالرغم من كل ما كتب عنها لا تسبب أي مشكلة إذا تم التعامل معها بشكل سليم عند إضافتها للتربة بكميات مدروسة أي حوالي 5 إلى 15 ليتراً على المتر المربع قبل القيام بأي زراعة من 30 إلى 40 يوماً وقلب التربة بعد إضافتها.
وأشار كبيبو إلى أن الدراسات الحديثة أثبتت أن هذه المياه تحتوي على عناصر غذائية مكونة من آزوت وفوسفور وبوتاس وحديد، وتمت تجربتها على أشجار الزيتون نفسها وأشجار الكرمة والبطاطا وعلى محاصيل الخضار.
من جهته، اقترح المدرس في المعهد العالي لبحوث البيئة الدكتور مصعب خليل بصفته كيميائياً في مجال التحليل الكهربائي طريقة لمعالجة هذه المياه باتباع طرق بتروكيميائية أو التحليل الكهربائي عن طريق تشكيل خلية كهربائية مكونة من مسربين، ذات طبيعة معدنية من أكاسيد هذه المعادن لتمرير تيار كهربائي منخفض ضمن هذه الخلية لتتم أكسدة المادة العضوية المرتفعة ضمن هذه المياه وتخفيضها إلى أكبر قدر ممكن ومن ثم إعادة استخدامها او معالجتها في مراحل لاحقة.
من جانبه، الدكتور ماهر دعيس من مركز البحوث العلمية الزراعية أشار إلى أن هذه المياه تؤثر على الخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للتربة، وبالتالي هناك حاجة لطرق معالجة مناسبة لها وطرائق تطبيقها على التربة بما يفيد النباتات، حيث لوحظ بعد التجربة أن إضافتها مباشرة إلى التربة حسنت من خصائصها وكانت من 10 إلى 50 متراً مكعباً بالهيكتار، وبالتالي هذه الإضافة المباشرة تسهم في تحسين زيادة المادة العضوية وزيادة نمو النباتات.
ولفتت الأستاذة في معهد بحوث البيئة الدكتورة آمال عطية إلى أنه تم اقتراح منظومة مستقبلية لمحطة معالجة لمياه الجفت باستخدام أكسدة فنتون قبل مرحلة التخثير أو التلبد وبعدها تحلل بيولوجي عادي ومنها تصرف المياه إلى المسطحات المائية أو شبكة الصرف الصحي دون مشاكل أو أخطار بيئية.
وبينت الدكتورة في المعهد أميمة ناصر أنه تم التوجه في الدراسة لإيجاد طريقة آمنة بيئياً وذات آثار جيدة باعتبار أن الغاز الحيوي هو منتج صديق للبيئة قليل الكلفة ورخيص ومتوافر يمكن إنتاجه من هذه المياه في ظل الظروف الراهنة، حيث يمكن تحويل هذه الطاقة الحيوية إلى طاقة كهربائية أو حرارية وغيرها مقترحة تحويل هذه المنتجات الثانوية للصناعات المحلية إلى طاقة حيوية “البيوغاز” نظراً للحاجة الماسة له حالياً فضلاً عن أن صاحب كل معصرة بإمكانه إنارة وتدوير معصرته من مياه الجفت التي تخلفها المعصرة وأن تدر عليه مزيداً من الأرباح يومياً ويصبح لديه اكتفاء ذاتي.
من جانبه، نبه عضو مجلس جمعية جبلة لحماية البيئة والخبير في مجال تقييم الأثر البيئي المهندس تميم علي إلى الآثار السلبية لتلك المياه، نظراً لعدم التزام معاصر الزيتون بشروط قررتها وزارة الزراعة بشأن نشر تلك المياه في الأراضي بشكل علمي فضلا عن قيام أصحابها بصب تلك المياه في المصادر المائية أو في شبكات الصرف الصحي، ما يؤدي إلى تلوث المياه السطحية والجوفية والآبار والينابيع.
وأشار عميد المعهد العالي لبحوث البيئة الدكتور كامل خليل إلى ضرورة التشبيك بين وزارات التعليم العالي والبيئة والزراعة للأخذ بالأبحاث العلمية وسن القوانين والمراقبة وإلزام كل معصرة بأن تكون لها وحدة معالجة خاصة بها وعدم إعطاء أي ترخيص جديد دون أن تكون هناك محطة معالجة لمياه الجفت وتصفيتها وإعادة استخدامها، فيما نوه نقيب المهندسين الزراعيين باللاذقية المهندس شوقي جليلا بما يقدمه الباحثون من أبحاث في المجالات البيئية والزراعية ومنها ما يتعلق بمعالجة مياه الجفت والتغلب على سلبياتها، داعياً الجهات المعنية إلى وضع هذه الأبحاث موضع التنفيذ للوصول إلى واقع بيئي وزراعي مثالي.
فراس زرده
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgen