لو فتح الأردن حدوده مع سورية بثقة ورعاية وحماية لحدوده… لأفاد من ذلك أضعاف ما يدّعي أنه يتأذى به من النازحين السوريين. ولكان ذلك خيراً له بما لا يقاس من أن يتقاضى ثمن مواقفه وما ينجم عنها من خسائر له من دول أخرى.
يقوم الأردن اليوم بدوره بجرأة وتحدّ وصلف ، مستفيداً من إعلان غير معلن لمعظم العرب من خلال سياسات حكامهم أن أولوية القضية الفلسطينية و العداء لإسرائيل قد أصبحت وراءنا. و لذلك لا تخفي السياسة الأردنية الراهنة الدور الذي تقوم به أو على الأقل تفسح له مجالاً واسعاً لخدمة اسرائيل. وهو في هذا الإطار يحتضن لقاء بين عرب لا علاقات لهم مع اسرائيل –يرجح أن تكون المعارضة السورية ممثلة فيه– ومسؤولين اسرائيليين. قد تكون إسرائيل تريد اليوم أن تستفيد من الظرف العربي القائم لتحصل على الاعتراف العلني وربما يتم ذلك عن طريق جامعة الدول العربية، إن كانت تثق بها.
بشكل عام لم تعرف العلاقات السورية الأردنية حالة طويلة من تبادل الثقة والمصالح المشتركة. لكن الأردن احتاج سورية دائماً لأنها الدولة المصرّة على حق العودة للفلسطينيين وبالتالي هي ترفض الوطن البديل لهم في الأردن وهو ما طرحته دائماً إسرائيل. وبما عُرف عن الملك حسين من «ذكاء» وبرغماتية مقترنة بالكذب والنفاق، أصرّ دائماً على شعرة معاوية مع سورية التي يبدو أن وريثه لم يعد مُصرّاً عليها، فإسرائيل هي الضامن ومحل الثقة له أكثر من سورية !!! ولاسيما وهي تمر بظروفها الراهنة. وبالتالي لا بد للحكومة السورية أن تتوقع استمرار السياسة الأردنية الراهنة التي لم تبدأ مع إغلاق معبر نصيب الحدودي ولن تنتهي بالكيد لها عبر المحافل الدولية.
لم يكن الأردن قادراً يوماً أن يخفي توجهاته وحقيقة مواقفه رغم تعدد الرداءات التي حاول أن يتغطّى بها. قاتل في حرب 1948 وكشف دوره من خلال كشف خيانة الملك المؤسس عبد الله… قاتل في حرب 1967 و خرج منها متنمّراً ضد المقاومة الفلسطينية داعياً للاعتراف بإسرائيل… وعندما أسقط أنور السادات دائرة العداء العربي لإسرائيل أسرع هو إلى وادي عربة… وهكذا وصولاً إلى اليوم حيث لم يعد عداء اسرائيل عبئاً يضنيه ولا التضامن العربي همّاً يؤرّقه.
لعلّ الدبلوماسية السورية تعلمت من تاريخ العمل المشترك لها مع الأردن الشقيق، ألا تعتمد كثيراً على صدق نيات النظام الهاشمي تجاهها منذ تأسيسه بعد نكبة فلسطين. في معظم حالات التفاهم والتحابب والعمل المشترك بين البلدين انتهت الأمور بفعل أن الأردن لم يكن قادراً على تفويت أي فرصة له لإيذاء سورية. كان آخر ما شهدنا في هذه المواقف في فترة العلاقات المميزة التي نشأت بين الرئيس حافظ الأسد والملك حسين والتي انتهت إلى تطاحن بارد بعد أن اكتشفت سورية أن الأردن كان مأوى الإخوان المسلمين الذين شنوا هجوماً مسلحاً على سورية منذ أواسط سبعينيات القرن الماضي وحتى مطلع الثمانينات.
بقلم: أسعد عبود