«حلحلة» التصعيد-صحيفة تشرين

إذا سلّمنا بترابط قضايا ساخنة في المنطقة والعالم «اليمن ـ سورية ـ العراق ـ أوكرانيا..»، فإنّه لا يمكن إلغاء الخصوصية الكبرى للوضع السوري في أبعاده الاستراتيجية المديدة، وما تجده منظومة العدوان من «ضرورات» التصعيد حتّى عندما يسخن الحديث عن حل سياسي، حيث إن تلك المنظومة تريد حلاً يضمن «إسقاط الدولة سياسياً» بتعديل هوية سورية ونهجها.

تلك القضايا السّاخنة المترابطة تؤثر وتتأثر بملفات ساخنة منها: الملف النووي الإيراني، وحراك الشعب البحريني، وملفات مكافحة الإرهاب، والفراغ الرئاسي والنيابي في لبنان، والفراغ في جهود حل الدولتين ضمن مسار ما يسمى «السلام» الفلسطيني– الإسرائيلي، و«زخم» الصراع العربي «بما تبقى من قوى مقاومة وممانعة فيه»- الإسرائيلي «بما انخرطت فيه من قوى عربية وتكفيرية».

تشابك القضايا والملفات يؤدي دائماً إلى ولادة ملفات قابلة لتصبح ساخنة كـ«ملف نظام الإنذار المبكر والدرع الصاروخية الخليجية، أو ملف سعي دول لتصبح قوة ذرية، أو ملف ترسيم الحدود بين اليمن والسعودية، أو ملف كردستان في شمال العراق وغير العراق..إلخ».

ومع شبكة التعقيد في بانوراما القضايا والملفات فإنّ أبرز أخطاء القراءات السياسية تلك التي تسلّم بأنّ «إطفاء قضية مشتعلة أو تبريد ملف ساخن يؤدي إلى تأثير إيجابي في باقي القضايا والملفات»، وأنّ التسليم بهذا «المبدأ» يخالف تاريخ عشرة آلاف سنة على الأقل من تاريخ منطقة مشتعلة تبدّلت جغرافية دولها وممالكها بحكم ترابط وتشابك القضايا والملفات! بل إنّ سورية تحديداً مع نهاية الحرب العالمية الأولى تقلّصت جغرافيتها الرسمية بسبب ذلك الترابط، أفلا تستوجب هذه الحقيقة وعياً وطنياً جامعاً يفرمل التقلص الجغرافي وانعكاسات ترابط الملفات والقضايا؟.

يجب الانتباه إلى حقائق ووقائع مبسطة جداً:

-ميدانياً تعمل منظومة العدوان منذ 18/3/2011 على «إسقاط» الدولة السورية وتغيير هويتها ونهجها، ويشهد العام الحالي التصعيد الأكبر على الأرض السورية لعمليات وهجمات التنظيمات الإرهابية.

-سياسياً تعمل المنظومة ذاتها منذ حرب تشرين التحريرية على الأقل لتغيير هوية الدولة السورية ونهجها.

– لا يمكن قراءة أي هدوء وإيجابية في التصريحات الأميركية مؤخراً تجاه سورية.

-النظام التركي في أعلى درجات حقده وصلفه ونهمه للدم السوري.

-البند الخاص بسورية في بيان كامب ديفيد «الأميركية -الخليجية» هو الأشد في قسوة صياغته والأبرز في مسار التصعيد.

إذاً، القراءة الهادئة تستوجب حسن اكتشاف التصعيد الميداني والتصعيد السياسي، وليس لنا سوى خيار يتيم هو تصعيد الصمود وتصعيد الوعي، فحصانتنا ذواتنا وليس بـ«الحلحلة» في أي قضية أو ملف آخر.

بقلم: ظافر أحمد