الشريط الإخباري

الفنان محمد فريد جلال: النحت التجريدي يخلو من العاطفة

دمشق-سانا
الرسام والنحات محمد فريد جلال فنان يتعامل بعفوية مع الطبيعة ويكون تشكيله التعبيري والواقعي من الخشب بأنواعه مستخدما أبسط الأدوات كالسكين أو المشرط ليقدم منحوتة فنية تعكس وجدانه وداخله إضافة إلى إبداعه في الرسم التشكيلي بالرصاص وبالألوان الزيتية.
وفي حديث خاص لـ سانا قال جلال إن الفن التشكيلي هو فعل ذاتي لا يخضع إلا لموهبة تعمل بدافع داخلي تأخذ الفنان بعيدا وتحرك أصابعه ويديه ليكون انعكاسات روحه وتداعيات اندفاعاته الداخلية ويظهرها في زوايا المكون أو ملامحه أو تقاسيمه سواء كان منحوتة أو لوحة تشكيلية.
وفي رأي فناننا فإن الدراسة لا يمكنها أبدا أن تصنع فنانا لأن الفنان يعمل بالفطرة من موهبة أصيلة تتأثر بحالة اجتماعية أو إنسانية تدفعه إلى قطعة الخشب أو على ورق الرسم ليصب انفعالاته ولينقل إحساسات روحه بمختلف حالاتها.
واختلاف النحت الواقعي والتعبيري عن التجريدي في رأي جلال يبرز في أن الأسلوب الأول يعبر عن واقع ويعكس ما لديه من إيجابيات وسلبيات إضافة إلى رصد الجماليات التي تساهم في بناء المكون الفني المنجز أما التجريدي فهو حالة قد تكون ميكانيكية ينجزها صاحب الخبرة عبر فكرة تجول في خاطره ما يوءدي في النهاية إلى جمال معين إلا أنه يخلو تماما من الحالة العاطفية الموجودة بين الفنان وبين مكونه التعبيري أو الواقعي.
وميل جلال إلى المدرستين الواقعية والتعبيرية ينبع من تتلمذه على يد الطبيعة التي أكسبته أكثر قدراته الفنية وتعلم منها الإبداع وإن كان من الصعب أن يصل إلى مجمل مكنوناتها.
وأوضح جلال ان الفنان الحقيقي لا يمكن له إلا أن يتأثر بعالمه وبيئته وأن يقدم ما تبعثه في نفسه من فرح ووجع فقبل الأزمة كنت أنحت كوخا وأحلم أن يعيش المجتمع بأسره حول هذا الكوخ ولكن بعد أن عصفت الأزمة بسورية وذقت الاضطهاد والويلات وأحرق منزلي الإرهابيون لم أتمكن من رسم الطبيعة ووجدتها أشياء أصبحت معرضة للقهر وللجرح فأخذتني خوالجي الداخلية لأن أحول الخشب لمكونات تعكس حالة الحرب ورغباتي بالانتصار والمساهمة في عودة سورية
إلى ما كانت عليه.
وتابع جلال.. باتت التقنيات تفرض نفسها علي دون إذن مني وصرت أكون علم الوطن على مجسمات لمركبات وعربات الجيش العربي السوري وهي تحمل عتادها ورجالها من أجل الدفاع عن الأرض والذود عن العرض والأبناء والأطفال والشيوخ والنساء.
أما الرسم عند جلال بعد الأزمة فقد أصبح يحمل ألوانا مختلفة تماما فكان لا بد من ابتكار ألوان جديدة واختراع أشياء تتلاءم مع طموحات الناس والنزوع للخروج من الأزمة وطرد المعتدين إلى الدول التي جاوءوا منها.
وهذه الأمور بحسب جلال كلها تأتي عفو الخاطر ولا تحتاج إلى دعم لأن كل ما نحته لم يلق دعما ولا رعاية لأنه لم يرغب بأن يكون نتاجه الفني مرتبطا بعلاقة أو منفعة بل فن تشكيلي يشق طريقه إلى التاريخ حتى يفرض وجوده كما حصل مع فنون الأقدمين التي لم نعرف قيمتها إلا بعد أمد.
ورأى جلال أن الساحة التشكيلية في سورية فيها كثير من الفنانين وتحتوي على كثير من المتناقضات الشكلية والبنيوية والمضامين المتضامنة إلا أنها تحمل القوة الفنية السليمة التي تبشر بمستقبل واعد ووجود الغث فيها شيء عابر سيسقط قريبا ويترك الطريق للفن الحقيقي ولاصحابه.
وركز جلال على أهمية التقنية والعاطفة المدعومتين بالموهبة حتى تتمكن اللوحة أو المنحوتة من إثبات وجودها وعدم إهمال هذه الظاهرة بحجة التحديث.
وختم جلال بالقول إن الفن السوري فن عريق يستأهل الاحترام والتقدير وعلينا أن نعمل على صونه والحفاظ على رونقه وأن نطور ما أبدعه القدماء حتى لا نحكم على أنفسنا بالتخلف والجهل فنحن أصحاب حضارة وثقافة وماض ومستقبل.
يذكر أن الفنان محمد جلال ينحت على الخشب ويهتم بالمنحوتات الإنسانية والوطنية التي تعبر عن الحالات الاجتماعية الواقعية كما يهتم برسم الطبيعة والوجوه معتمدا على إحساسه الذاتي وعاطفته الوجدانية.
محمد الخضر وسامر الشغري