حمص – سانا
بالرغم من سنه الفتي وضيق تجربته في الحياة إلا أن الشاب محمود نزار علي تمكن من تجسيد حبه لوطنه والتعبير عن عمق انتمائه لبلده عبر مجموعة كبيرة من الأغاني الوطنية التي قام بكتابتها وتلحينها بنفسه مصورا من خلالها ما يكنه الشباب السوري من مشاعر نبيلة للأرض التي رعته وأنشأته فبات رد الجميل دينا في رقاب ملايين الشباب الذين سعوا بشتى السبل لترجمة عشقهم للوطن واستعدادهم للذود عنه بأي طريقة ممكنة.
وقد تمكن علي عبر أغنياته الشجية والتي رددها الشباب الحمصي خلال سنوات المحنة الحالية في كل مناسبة كما ذكر لنشرة سانا الشبابية أن يترجم مشاعر السوريين وأحاسيسهم المرهفة تجاه واقعهم المؤلم بكل ما يحمله من وجع إنساني عميق ونبض وطني عال وربما كان ذلك وراء رواج هذه الأغنيات التي اختار أن يؤطرها ضمن قوالب من موسيقا الراب لتكون أقرب إلى إحساس الشباب وأكثر تعبيرا عنهم وليكفل في الوقت نفسه أن تتلقاها الشريحة الفتية بترحاب يزيد من رقعة انتشارها.
وأضاف علي..”كان عمري في بداية الحرب على سورية 17 عاما وكنت أراقب الواقع من حولي وأنا اتشظى ألما وقهرا على ما يحدث في بلادي باحثا عن طريقة لإخراج ما يعتمل في قلبي وعقلي من قلق وخوف وخاصة أن سني لا تسمح لي بالتطوع في صفوف الجيش العربي السوري رغم أني كنت اشتهي حمل السلاح والانضمام إلى جنوده البواسل لأشاركهم قتال أولئك الإرهابيين الكفرة”.
لم يطل بحث الشاب المبدع عن سبيل لترجمة أحاسيسه الوطنية الخالصة إذ أن استشهاد صديقه إثر استهدافه من قبل المجموعات الإرهابية عند عودته إلى منزله فجر في داخله الموهبة التي خمدت طويلا فبدأ كما قال في كتابة الأشعار والمقطوعات الوطنية وتلحينها معتمدا في ذلك على ملكة فطرية في الكتابة وحب لموسيقا الراب التي سادت خلال العقد الأخير في أوساط الشباب السوري فكانت أولى أغانيه مستلهمة من وحي هذا الحادث الأليم.
بعد ذلك تتالت أغنيات علي فراح يكتب عن وجع الأمهات والأطفال ومساكن الصغر التي تهدمت بفعل الإرهاب كما تناول البطولات الكبيرة لجنود سورية البواسل ومثلها صمود أهلها وتحديهم وإرادتهم الجبارة إلا أن شهداء الوطن كانوا الأوفر نصيبا من كلماته وألحانه إذ راح يصور عطاءاتهم النبيلة و تضحياتهم المشرفة باعتبارها امتدادا لإنجازات أسلاف وأجداد بنوا سورية ورفعوا بنيانها عبر آلاف السنين.
وأوضح أن موسيقا الراب أو ما يعرف ب الهيب هوب كانت خيارا جيدا بالنسبة له فهي تتسم بالايقاع المتسارع أكثر منه باللحن الذي غالبا ما يكون بسيطا يعتمد على نبضات موسيقية متواترة وسريعة تثير الحماسة لدى جمهور الشباب تحديدا وهو الأمر الذي ساعد على انتشار أغنياته مؤكدا أن الهدف الأساسي من اختيار الراب هو اجتذاب من هم في مثل سنه و الذين لم يسعفهم الحظ للتعبير عن أنفسهم وعن حبهم لوطنهم و وعيهم بما يحاك له من مخططات إرهابية واسعة.
واختتم علي بالإشارة إلى أنه شارك في العديد من الحفلات والمناسبات الوطنية في حمص حيث لاحظ تجاوب الجمهور مع أغنياته وإحساسه العالي بها مشيرا إلى أن هذه الأغنيات ورغم إيقاعها السريع إلا أنها كانت تلقى إنصاتا من قبل الجمهور الذي كان يلتفت إلى ما تتضمنه من أفكار وكلمات مؤثرة تحكي قصة وطن عزيز سلبت أرواح أبنائه على يد عصابات بربرية لم يشهد التاريخ المعاصر لإجرامها مثيلا.
فاتن خلوف