دمشق-سانا
ظهرت مراكز صناعة الزجاج في العديد من المناطق السورية منذ القرن التاسع قبل الميلاد، ودخلت على صناعته أساليب متنوعة أبرزها عملية النفخ، وازدهرت في العصر الإسلامي وخاصة في مدينة دمشق، في حين انحصرت ممارسة نفخ الزجاج يدوياً في دمشق بعائلة “القزاز” وعائلة “الحلاق”.
عائلة القزاز كانت أبرز العائلات التي عملت في هذه الحرفة وكانت تحتكر تعليمها للأبناء وأبناء الأبناء من العائلة، الى أن بدأت بتعليمها لأبناء البنات حرصاً على استمراريتها وحفاظاً عليها من الاندثار، ومنذ ما يقارب 100 عام كانت عائلة الحلاق وريثة العائلة في حرفة نفخ الزجاج، وبعدها دخلت العديد من العائلات في هذه المهنة حسب ما بين الحرفي أحمد الحلاق في تصريح لمراسلة سانا.
وبين الحلاق أن حرفة نفخ الزجاج يدوياً انتشرت في منطقة الشاغور واحتوت على ما يقارب 15 فرناً لصناعة الزجاج، وفي ذلك الوقت كان والده يعمل بهذه المهنة ومنها كانت بداية تعلمه لها، حيث عمل والده على تشجيعه وتعليمه الحرفة منذ أن كان بعمر الخمس سنوات.
ثم افتتحت عائلة الحلاق معمل الزجاج بخان الزجاج عام 1969 في منطقة باب شرقي بدمشق ومع اكتسابه الخبرة مع أخوته انطلقوا بالعمل عبر سنوات طويلة، وتضمنت منتجاتهم كل ما يرتبط بصناعة الأواني الزجاجية والأدوات المستخدمة في الطعام والشراب والضيافة وتزيين وتجميل المنزل.
ولفت الحلاق إلى أنه عمل على تعليم أبنائه هذه المهنة واليوم يقوم بتعليم حفيده وهو في أولى خطوات التدريب عليها، نظراً لكونها تحتاج إلى التعلم بعمر مبكر، حيث يضمن فيها سرعة الإتقان والمهارة في الصنع والإنتاج.
خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية توقف المعمل عن الإنتاج لمدة سبع سنوات حسب ما أكد الحلاق ليعاود في السنوات الأخيرة العمل رغم كل الصعوبات التي يتعرض لها، من صعوبة في تأمين المواد الأولية والوقود والكهرباء والتي تعد من أبرز الصعوبات، إضافة إلى قلة اليد العاملة.
وأوضح الحلاق أن صعوبة تأمين الوقود لتشغيل فرن الزجاج يهدد استمرارية عمله لكونه يحتاج إلى 24 ساعة تشغيل يومياً، وإيقافه يسبب ضرراً كبيراً للفرن، ويصبح غير قابل لتصنيع الزجاج، وأن إعادة بنائه تحتاج إلى تكلفة مادية عالية.
ولفت الحلاق إلى أن عدم توفر الوقود لتشغيل الفرن يؤثر على سرعة العمل والتأخر في تسليم الطلب، كما أنه يؤثر في تدريب يد عاملة جديدة حرصاً على عدم هدر الوقت في التدريب وإنما في الالتزام بتسليم الطلبيات.
وختم الحلاق حديثه بالقول: “قدم لنا ولا يزال إلى اليوم الكثير من العروض، بأن تخرج عائلتنا من سورية وتوفر لها كل الإمكانيات لإنشاء معامل لنفخ الزجاج يدوياً لكننا رفضنا مغادرة وطننا وتحملنا الظروف القاسية إيماناً منا بأن هذه الحرفة هي أمانة نحملها بأعناقنا، ناهيك عن أنها إرث عائلي فهي بالنسبة لنا إرث وطني ايضاً”، داعياً جميع الجهات المعنية إلى حماية هذا التراث وتقديم كل الدعم لاستمراريته.
رشا محفوض
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency