الشريط الإخباري

أمسية للشاعر صقر عليشي بمنتدى جرمانا الثقافي

ريف دمشق-سانا

خلال أمسية شعرية أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب بريف دمشق قدم الشاعر صقر عليشي مجموعة من قصائده التي تضمنت رؤى فلسفية وإنسانية كانت نتيجة تجارب وعصارة تفكير اقتصر فيها على أسلوب واحد في السرد الشعري وذلك ضمن النشاط الدوري لمنتدى جرمانا في المركز الثقافي العربي بالمدينة مساء أمس.

وفي قصيدته “معنى على التل” التي افتتح بها أمسيته اعتمد عليشي على دلالات استخدمها في التعبير عن فكرته التي يذهب إليها خلال النص وفق أسلوب ساخر يدافع من خلاله عن قيمة الإنسان وسمو معانيه فقال .. “أعطى ملاحظاته السريعة البرق .. بدا محققا نابها .. لديه ما يقال كنا وضعنا فكرة على اليمين .. أبدت امتعاض .. قمنا نقلناها إلى الشمال”.

ويحاول عليشي التأسيس لنص كوني بعيد عن الالتزام بالمكان أو التعامل مع الزمان المؤطر بالحاضر فيلجأ إلى رسم لوحته الشعرية معتمدا على الطبيعة في انزياحاته الفنية واعتباراته الفلسفية التي تذهب باتجاه الإنسان دون أن تتخلى عن الرمز والدلالات.. يقول في قصيدته التي جاءت بعنوان “في رسم بقرة”..”قلت لنفسي .. اسهل لو نرسمها في المرعى وهي ترمي الأعشاب الغضة … هذا يعطي اللوحة نضرتها .. وتلائم فيما لو علقها أحد ما يوما في الصالون .. فلون العشب يريح الجدران”.

ويعتمد الشاعر في نصوصه على تجاوز العاطفة والبحث عن فكرة تفتعل أحداثا تعوض عن غياب العاطفة التي غالبا ما تكون سببا في كتابة الشعر فيمزج بين بعض الحركات الموسيقية والصور التي يلتقطها من مستلزمات الحياة اليومية دون أن يكون للإنسان وجود في الحدث الذي كان أبطاله من مستلزمات الحياة اليومية بعد أن أعطاها الشاعر صفة الأنسنة وجعلها تتحرك لبناء النص كما جاء في قصيدة جاءت الغبرة التي قال فيها.. “أنا لغز غامض .. ليس له حل .. إذا في كومة القش دخلت ..وأنا الواضح .. لا يخفى وضوحي لو وخزت”.

ورأى الشاعر الدكتور نزار بريك هنيدي في مداخلته أن عليشي يمثل حالة خاصة في الشعر الحديث ويتميز بمجموعة من الخصائص الجديدة معتمدا على علاقته المباشرة بالطبيعة والموجودات فلا يلجأ إلى الحذلقة اللغوية والبنيوية كما أنه يعجن اللغة البسيطة لالتقاط ما هو غني بالتفاصيل العادية اليومية كونه شاعرا حقيقيا.

وأشار الناقد الدكتور غسان غنيم إلى جملة الخصائص التي تتوارد في شعر عليشي وأهمها البساطة المؤثرة التي تستخدم أبسط الافكار والدلالات مؤدية إلى عمق يصل إليه من خلال ذاته إضافة إلى أنه يتخذ من العناصر الأساسية التي تشكل مشهد الطبيعة للوصول إلى أكثر ما يمكن من أفكار حيث يستخدم الجزئيات التي تؤدي إلى اللامعقول ليصل من خلالها إلى الحقائق.

واعتبر الدكتور الناقد عاطف بطرس أن عليشي ساهم بتحررنا مما هو راسخ في ذاكرتنا من القصيدة العربية القديمة ونمطها التقليدي فهو يؤدي حالة شعرية عبر التفاصيل الصغيرة التي جذبت الكثير من تحت تأثير تجربة المثاقفة ليتمكن من تناول امور صغيرة تعبر عن قضايا كبير.

ولفت الدكتور الناقد عبدالله الشاهر إلى أن الشاعر عليشي اعطى لقطات شعرية موشاة بروح الفكاهة وضمنها وخزات إسقاطية تشي بشيء من التساؤل أو الاستغراب أو التعاطف.

واللافت في موضوعات الشاعر بحسب الشاهر أنه ابتعد عن المواجهة المباشرة مع الإنسان وحاكى بقصائده أو مقطوعاته الشعرية الموجودات الأخرى التي تلازم الإنسان وتساهم في استمرار وجوده كحديثه عن الابرة والغيمة والصخرة معتبرا أن نصوصه تحمل حالات دلالية لا تنفصل عن حركة الإنسان وفي الجانب الآخر استطاع توظيف بعض الموءشرات الأخرى ليصل في قصيدته إلى مبتغاها.

وتدل النصوص التي ألقاها الشاعر عليشي على ثقافة موسوعية شاملة وموهبة أدبية وشعرية تغلب عليها الفلسفة والتطلع إلى ابتكار الافكار دون الاعتماد على العاطفة كأساس مهم في مكونات الشعر وهذا المذهب الشعري ترك صاحبه ضمن هويته الدالة على فلسفة مكونة من مجموعة آراء جاءت بشكل واحد مع اختلاف اشكال الطرح واسبابه وهذا ما جعل نصوصه تستبدل الإيقاع الشعري الداخلي الذي يأخذ احيانا بتفعيلات مختلفة بدلا من الحركة الإيقاعية المتناغمة والمتشابهة في كامل النص .

كما اعتمدت أغلب الآراء النقدية التي طرحت على نزعة ذاتية تدل على التزام أصحابها بالعلاقات الإنسانية ما جعلها بعيدة عن طرح السلبيات في تجربة تجانب المنطق الشعري .