الورطة السعودية والدرس اليمني-صحيفة البعث

لا شك أن القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن، تحت الفصل السابع، قد أسبغ الشرعية على العدوان السعودي الغاشم، ورفع من معنويات المملكة الوهابية المصدومة بحقيقة أن ضرباتها الجوية لم تنجح في كسر إرادة الشعب اليمني، وإرغامه على القبول بهيمنتها، بل أدّت الى تعزيز الوحدة الوطنية اليمنية في مواجهة العدوان. لكن القرار لا يقدّم للمملكة، من الناحية العملية، أية إمكانية لتحقيق الانتصار العسكري الذي توهمت أنها ستحققه، بل يقدم لها فرصة الخروج من ورطتها العسكرية، ويفتح الباب أمام حل سياسي للأزمة اليمنية .

والحقيقة أن السعودية تجد نفسها، اليوم، في ورطة كبرى، لأن ما اعتقدت أنه نزهة جوية ستحقق استسلام اليمنيين في وقت قصير، أصبح كابوساً للسعوديين لا تلوح له نهاية، فالاستمرار في الضربات الجوية التي لم تحقق إلّا قتل المدنيين، وتدمير البنى التحتية، أصبح ضرباً من العبث الدموي القاتل الذي يُنذر بأوخم العواقب، والعدوان البري الذي تسعى السعودية لتوريط بعض القوى الإقليمية والعربية في القيام به، لن يحل المشكلة، هذا إذا نجح سعيها، بل سيزيد الطين بلّة، ويمكن أن يفجر المملكة المأزومة من الداخل، مما يضعها أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تدرك محدودية انتصارها الدبلوماسي الذي أحرزته في مجلس الأمن، وعدم قدرته على إحداث تغيير حاسم في ميزان القوى وحقائق الميدان، وتستغله في التغطية على فشلها العسكري الذريع، ومن ثم إيقاف عدوانها، والخروج من المستنقع اليمني بأقل الخسائر، وإمّا أن تقرأه قراءة خاطئة على غرار قراءتها الخاطئة للوضع اليمني، والوضع الإقليمي والدولي عموماً، وتستمر في مغامرتها العدوانية، فتخسر بذلك فرصة الخروج بماء الوجه من المستنقع، وتذهب الى هزيمة نكراء تعصف بوحدة المملكة.

فهل ستختار السعودية طريق العقل والحكمة، وتخرج من مأزقها قبل فوات الأوان، أم أن عجزها عن التكيف مع ولادة النظام الدولي متعدد الأقطاب وعنوانه الأبرز الاتفاق النووي الغربي مع إيران, أفقدها الرشد تماماً، فلن تتراجع عن العدوان…؟.

أيّاً كان الخيار السعودي، فإن اليمن قد اختار طريق الحرية والكرامة، ولن يعود الى حظيرة الهيمنة السعودية التي كانت دائماً السبب في إجهاض طموحاته الوطنية النهضوية.

وهذا درس بليغ آخر يؤكد أن إرادة الشعوب العربية الحرّة غير قابلة للكسر، وأنه لا التحالفات المشبوهة، ولا الغارات الجوية، ولا الجيوش المأجورة، ولا العقوبات الجائرة، ولا الإرهاب التكفيري يمكن أن تطمس هذه الحقيقة الساطعة التي غيّرت وجه العالم في الماضي، وهي التي تغيّره في الحاضر.

وفي الدول العربية التي تُدافع اليوم، بدماء أبنائها، عن استقلالها وكرامتها وعروبتها، كسورية واليمن، تتشكل ملامح مستقبل عربي حر، لن يكون لهيمنة الرجعية المتصهينة وعدواناتها السافرة مكان فيه.

بقلم: محمد كنايسي

انظر ايضاً

فرع اتحاد كتاب طرطوس يستضيف الشاعر محمد كنايسي

طرطوس-سانا استضاف فرع اتحاد الكتاب العرب في طرطوس اليوم الشاعر والإعلامي التونسي محمد كنايسي الذي …