الشريط الإخباري

لم يمنعهما كرسيهما المتحرك عن الإنجاز… سيدتان من دار الكرامة للمسنين تجمعهما قصص نجاح

دمشق-سانا

لم تمنعهما إعاقتهما الحركية عن المضي قدماً وعدم الاستسلام، بل كانت حافزاً لهما لتطوير مهاراتهما في الأعمال اليدوية ونيل الشهادات الجامعية في أعمار كبيرة، لتحولا بفضل إرادتهما الحديدية حياتهما إلى قصص نجاح، وتصبحا شخصيتين مؤثرتين في المجتمع، ومثالاً يحتذى به في العطاء، محلقتين بذلك بعيداً عن كرسيهما المتحرك، ومكللتين جميع خطواتهما بالإنجازات والتميز.
إنهما السيدتان وفاء موسى عطا الله وسهام الأحمد اللتان جمعتهما دار الكرامة لرعاية العجزة والمسنين بدمشق، الأولى كموظفة والثانية كمقيمة، لتنجحا بإطلاق العنان لشغفهما بتنفيذ الأعمال اليدوية إلى جانب تحقيق النجاح والتميز في الدراسة الجامعية رغم تجاوزهما سن الأربعين عاماً.

وفاء وخلال حديثها لنشرة سانا الشبابية، بينت أنها قبل أن تكون موظفة في دار الكرامة للمسنين في منطقة باب شرقي بدمشق كانت تتردد عليه بصفتها ممثلة ضمن فرقة مسرحية تقدم أعمالها الفنية للأشخاص ذوي الإعاقة والتي تجسد وتعكس المواقف التي يتعرض لها هؤلاء الأشخاص ونظرة المجتمع لهم.

وقالت: مع مرور الوقت توظفت في الدار لتبدأ بعد ذلك رحلة الشغف والعمل اليدوي الذي كنت أحبه قبل الوظيفة، حيث تعلمت فن الكروشيه من جارتي، وتلقيت الدعم من والدتي التي قامت بشراء مستلزمات العمل التي أحتاجها، كالخيطان والصنارة، لأتقن بالتواتر المهنة، وأصمم قطعاً صغيرة وكبيرة من الكروشيه، وأعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي، مبينة أنها خلال تواجدها في الدار تعلمت كذلك فن الإيتامين اليدوي، وصممت مجموعة من اللوحات التي حازت إعجاب النزلاء.

وحول الأعمال اليدوية التي تقوم بتنفيذها لفتت وفاء إلى أنها تصمم الهدايا والحقائب والتحف والصمديات والمرايا والألعاب المتعلقة بغرف الأطفال، وتشارك بعرضها من خلال مجموعة من المعارض، مؤكدة أنها لم ولن تبخل على أي شخص في الدار بنقل خبرتها إليه في مجال تصنيع الأعمال اليدوية، حيث علمت مجموعة من النزلاء آلية التصنيع، مؤكدة بذلك مقولة “الإعاقة طاقة وأن أي إنسان مهما كان ظرفه أو عمره أو وضعه الصحي قادر على الإنتاج والعطاء والتميز”.

ونوهت وفاء بدعم مؤسسة وثيقة وطن للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال إقامة المعارض التي تساعدهم على عرض إنتاجهم وتسويقه، وتقديم ما يلزم لهم لمساعدتهم على الانطلاق في حياتهم العملية، حيث شاركت مؤخراً في المعرض الذي أقامته المؤسسة في مقرها بدمشق، مؤكدة أن المشاركة في المعارض تزيد من ثقة الشخص ذوي الإعاقة بنفسه، وتؤمن له مصدر دخل إضافي يساعده على توفير مستلزمات الحياة.

وأشارت المتطوعة في الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية إلى أن شغفها وحبها للتعلم لم يتوقفا عند تصميم الأعمال اليدوية وتنفيذها بل كانت تسعى باستمرار للحصول على شهادة جامعية تحقق لها مكانتها، حيث درست الثانوية العامة وهي في سن الأربعين، وحصلت على علامات أهلتها لدخول كلية التربية اختصاص “تربية خاصة” والتخرج فيها وتسخير وتكريس كل ما تعلمته في الجامعة لخدمة نزلاء الدار، حيث تعمل اليوم كمسؤولة عن قسم البحث الاجتماعي فيه.

واختتمت وفاء حديثها بالقول: “أسعى باستمرار لتطوير نفسي ومهاراتي وأدعو كل شخص لديه إعاقة معينة مهما كانت إلى اكتشاف مواهبه والعمل على تطويرها وتنميتها ليصبح منتجاً وفاعلاً بالمجتمع”.

بدورها المقيمة في الدار سهام الأحمد أوضحت أنها استطاعت ورغم إعاقتها التوفيق بين تصميم وتنفيذ الأعمال اليدوية، وتحقيق حلمها في الحصول على الشهادة الجامعية في المجال الذي تحبه وهو الإعلام.

ولفتت إلى أن إعاقتها لم تمنعها من تعلم تصميم وصناعة الأشغال اليدوية من خلال الدورات التي تنفذها الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية لتنجز بذلك مجموعة من المشغولات كالكروشيه والحقائب والتحف، وتشارك من خلالها بمجموعة من المعارض، آخرها معرض لمؤسسة وثيقة وطن في مبنى المؤسسة بدمشق، محققة بذلك أحد أحلامها وهو تنفيذ الأعمال اليدوية بمهارة لتلقى إعجاب كل من يشاهدها إلى جانب تحقيق دخل مادي إضافي يعينها على مواجهة أعباء الحياة.

وحول آلية حصولها على الشهادة الجامعية من كلية الإعلام بجامعة دمشق ذكرت سهام أنها نالت خلال تواجدها في الدار شهادة التعليم الأساسي ثم الثانوي، وبعدها دخلت كلية الإعلام وتخرجت فيها رغم تجاوزها الأربعين عاماً، محققة بذلك حلمها الثاني، وهو الحصول على الشهادة الجامعية في المجال الذي تحبه وأن تكون مثالاً لأقرانها في السعي والاستمرار لتطوير الذات وتحقيق الأحلام وتخطي العقبات مهما كانت للوصول إلى الهدف المنشود.

سكينة محمد

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

مبادرة أهلية في دار الكرامة للمسنين بدمشق

دمشق-سانا نظمت جمعية القدس الخيرية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليوم فعالية بعنوان (على …