لا يمكن قراءة ما جرى خلال الفترة القصيرة الماضية على الجبهات السورية كمجرد تطورات عسكرية في معركة مستمرة. الأمكنة والأزمنة تطرح شكوكاً حقيقية حول ما جرى.
اختيار الأمكنة وتزامن الوقائع يؤكد أن ثمة من يدير اللعبة مستخدماً السلاح.
وهذا لا يتنافى مع احتمال كون اللاعب الرئيسي في المسألة يتكلم عن حل سياسي هو الوحيد القادر لحل المسألة السورية. فعلياً لا يمكن فصل أي عمل سياسي عن الجانب العسكري الذي قد يقود العمل السياسي ليشكل هو القاطرة للحل.
اختيرت المواقع الثلاثة لسببين رئيسيين:
أولاً – هي مواقع قوة للقوى الخارجية المتدخلة مباشرة بالشأن السوري بسبب قربها من الحدود التركية والأردنية، ولم يعد خافٍ على أحد، إلا من لا يريد أن يرى، العلاقة المباشرة للدولتين ومن ورائهما ولاسيما بالنسبة للأردن. ويشكل الموقف الأردني الفاضح من معبر الحدود المشتركة جواباً لكل من يسأل ويريد أن يعرف.
ثانياً – هي مواقع آهلة بالسكان مما يحرج الدولة السورية كثيراً من حيث نوعية ومستوى استخدام السلاح.
ما الذي يمكن أن تستهدفه الأيدي التي عملت بهذا الاتجاه؟
بالتأكيد هي تريد تسجيل نقطة ترفع معنويات كل هذه القوى ومن معها التي تعرضت لهزائم متتالية ما زالت مستمرة أمام الجيش السوري منذ القصير وحمص والحصن مروراً بيبرود والقلمون وعدرا العمالية… وليس أبداً انتهاءً بحلب وبادية حمص. لكن قد لا يكون هو الهدف الرئيسي؟!.
تميل أغلب التحليلات والتوقعات أن اللاعب الرئيسي، ويرجح أن يكون الولايات المتحدة الأميركية، يريد الامساك بأوراق قوة يستخدمها في خطة عمل سياسي يرسم لها. ولعل مما يقوي هذا الاستنتاج، أن الولايات المتحدة إذ تقترب من حل مشكلتها مع ايران ، تريد وضع حلول للمسائل الأخرى العالقة في المنطقة غير مخفية مللها من الحلفاء بمواقفهم من مسائل الخلاف القائمة، ومن قضايا داخلية لبلدانهم. لنتذكر في هذا الصدد تصريحات بايدن المدينة لتركيا ولنقرأ تصريحات الرئيس اوباما نفسه حول حاجة دول الخليج لترى ما في داخلها وعند شعوبها قبل أن تبرز مخاوفها من ايران.
نقطة الضعف في هذا التوجه تتمثل في نقطتين:
الأولى – قد لا يترك الجيش السوري حالة استقرار للتغيرات الطارئة على الميدان في هذه المواقع بما يترك للاعب الرئيسي استخدامها كورقة ضغط في حوار مع المعارضات السورية. ومن المهم الانتباه هنا انتصارات للجيش السوري في الزبداني وغيرها، وأيضاً انتصارات الجيشين العراقي واللبناني بما يضعف جبهة الارهاب.
الثانية – إن الحكومة السورية لا تجهل أبداً أن العلاقة بين القوى الارهابية المسلحة والمعارضات المختلفة لا تتم إلا عبر الدول الداعمة لهذا الارهاب. وبالتالي فإن هذه القوى الارهابية المسلحة لا تخضع لأوامر المعارضات ولا تستجيب لمواقفها السياسية. ولذلك لا يمكن أن تشكل ورقة ضغط من المعارضة على الحكومة التي ترى أن الاتفاق السياسي الممكن يجب بالضرورة أن يتضمن العمل المشترك لتحرير كل البقاع السورية من سيطرة الارهاب.
المنتظر الوحيد الممكن هو موقف الجيش العربي السوري. يعني مقتضى الوقائع الجديدة كلها أن الحل ما زال عسكرياً بوضوح.
بقلم: أسعد عبود