دمشق-سانا
لم يترك الدكتور عطا بطل المدرس بكلية الهندسة في جامعة تشرين مجالا علميا أو أدبيا أو فنيا الا وضع بصماته عليه بدءا من كتابة الشعر والزجل إلى القصة القصيرة و العلوم الهندسية مرورا بالمقالات العلمية والثقافية والسياسية وتأليف الكتيبات العلمية للأطفال و الترجمة والفن التشكيلي والمنحوتات إضافة إلى الكتابة الدرامية والتحليلات السياسية.
وعن كيفية التوفيق بين هذه النشاطات والاهتمامات قال بطل في حديث لـ سانا الثقافية إنه بوجود الإرادة وتنظيم الوقت يمكن بلوغ الأهداف والغايات موضحا أنه ليس من الضروري القيام بجميع الأعمال في وقت واحد فعندما يترجم على هامش أعماله العلمية مثلا لا يمارس أي نشاطات أخرى وعندما ينتهي من الترجمة يعرج على كتابة الدراما أو غيرها الا أن هذه الأعمال لا يمكن أن تطغى على عمله العلمي الذي يعده أساسيا وله الأولوية.
وفي هذا السياق يرى بطل أن على الانسان أن يجد نفسه في عمله الأساسي لكي لا يواجه الفشل فأسوأ ما يتعرض له الانسان أن ينجح في عمل ثانوي على حساب عمله الرئيسي.. ولأنه يجد نفسه في عمله العلمي فقد تمكن من تأليف أحد عشر كتابا علميا حتى الآن في مجال الهيدروليك والعنفات البخارية والعنفات الغازية والمحركات النفاثة والتنظيم الصناعي ..كما ألف كتابين في تاريخ العلوم الهندسية الأول بعنوان المحركات دائمة الدوران وتاريخ إثبات قوانين انحفاظ الطاقة والثاني بعنوان الطريق الى الصفر المطلق.
ويعكف بطل على إنجاز مشروع ثقافي من خلال نشر سلسلة من المواضيع العلمية والثقافية على شكل رسائل صغيرة تبحث في الظواهر الطبيعية كالجاذبية والأنهار والبحار تحت عنوان “رسائل علمية وثقافية” وهو يخطط لتصل الى 52 رسالة حيث أصدر منها عددين حتى الآن بعنوان ما هي الروح و الفرق بين التأريخ والتقويم.
وظهرت اهتمامات بطل العلمية منذ طفولته عندما أسس مختبرا منزليا للكيمياء وفي الجامعة درس هندسة الميكانيك وتخرج منها عام 1979 ونال شهادة الدكتوراه من معهد الطاقة بموسكو عام 1987 ووصل الى رتبة بروفيسور عام 2004 اثر بحث علمي قام به في مركز أبحاث الطاقة في ولاية بنسلفانيا الأمريكية.
أما نشاطاته الأدبية فبدأت عندما قام بترجمة رواية تاريخية من اللغة الروسية بعنوان “صديقان من بلاد الرافدين” للروائية الروسية كلارا مايسييفا التي تتناول مجموعة من الأحداث في بلاد الرافدين في فترة أفول شمس الدولة السومرية وصعود الدولة البابلية بقيادة حمورابي وفيها يتعرف القارئ على قوانينه الشهيرة وعلى ملحمة البطل الاسطوري جلجاميش.
ويقوم بطل حاليا بترجمة رواية القافلة ذاهبة إلى تدمر للكاتبة نفسها اذ قام بتحويلها الى مسلسل دراما تلفزيونية كتب منه خمس حلقات إلا أنه لم يوفق في التواصل مع شركات الانتاج الدرامية لتسويقه بسبب مشاغله العلمية 00 كما كتب عدة حلقات من مسلسل اجتماعي بعنوان صفحات جامعية إضافة إلى مسلسل علمي درامي للأطفال بعنوان ” ظواهر من حولنا” من عشرين حلقة يشرح عددا من الظواهر الطبيعية والمغامرات ويتخلله عدد من الأغاني التربوية كما كتب اسكتشا غنائيا للأطفال وهو بصدد تقديمه على مسرح الطفل في دار الأسد باللاذقية.
أما في مجال القصة القصيرة فكتب بطل المولود في إدلب 1953 قصصا اجتماعية ووجدانية وسياسية نشر بعضها على صفحات التواصل الاجتماعي تحت عناوين “سيادة الوزير- التفتيش- الحاجز” ويعكف حاليا على كتابة مجموعة قصصية بعنوان في مدن العالم يستعرض فيها مشاهداته في المدن التي زارها ولمحة عن تاريخ كل منها وأهم معالمها وبعض الطرائف التي حصلت معه فيها.
وعبر تجواله في دول العالم حصل على معرفة عميقة بالتاريخ كما ساهم في اغناء ثقافته وفي كل مدينة زارها كانت تستهويه المتاحف والمعالم الأثرية فلاحظ أن محطات الميترو في طشقند مثلا مزينة بالفسيفساء الشرقية والخطوط العربية حتى ليشعر الزائر أنه في دمشق كما لفت نظره في برلين وجود متحف للشرقيات ومن بينها غرفة اشترتها احدى الأميرات من حلب عام 1650 وكذلك نسخة للاله السوري حدد.
وقام الدكتور بطل الذي تربى في اسرة علم وأدب بكتابة الكثير من المقالات الفكرية والثقافية تحت عناوين ماذا يعني لي 11 أيلول الأديان والمذاهب، كرة القدم والسياسة،معاني الأشهر الهجرية والميلادية، وهي تعبر عن تفكيره ووجهة نظره وآرائه ويحقق فيها ذاته.
وتحدث عن بداياته الشعرية عندما كتب قصيدة عن فيتنام وهو في الصف السادس وكيف كتب الزجل وهو في الجامعة وخصوصا الغزلي منه والذي كان يلقيه في الحفلات الجامعية حتى انه قام بتأليف زجل باللغة الروسية ولكن بلحن عربي لاقى استحسانا كبيرا لدى الروس.
ومع بداية الأزمة في سورية بدأ البروفيسور بطل يكتب الشعر الفصيح محاولا ملامسة المحنة وأسبابها وسبل الخروج منها فكانت أول قصيدة بعنوان أخوة يوسف ويقول فيها ..
في سم زعاف غمستم خناجركم ..وفي اعلام زيف رفعتمحناجركم..فكيف دم أخيكم تستبيحون.. تبا تبا أخوة يوسف..فهل أنتم عرب أم مستعربون”.
ويعتز بقصيدته السياسية بعنوان “أمة اقرأ” التي يتحدث فيها عن وضع الأمة العربية كما يعتز بقصيدة بعنوان “نفحات لقمانية” التي ضمنها إعجازاً لغوياً على وزن اللفيف المفروق ويقول أنه لم يسبقه إليه أحد.
كما ساهم في الديوان السوري المفتوح الذي نشرته وزارة الثقافة وتضمن احدى قصائده بعنوان يا وطن يا مجروح وقامت ابنته بتلحينها:”يا وطن يا مجروح.. لوين بدنا نروح..تسكرت البواب..والديب خلف الباب”.
وفي الفن التشكيلي أنجز خمسة عشر تصميما فنيا تم تنفيذ اثنين منها في ساحات مدينته إدلب ..ومن بين التصاميم التي قدمها نموذج لساعة مائية عربية لكنها تحتاج إلى جهة رسمية لتتبنى تنفيذها.
وبعد ثلاثين عاما من التدريس الجامعي يصف البروفيسور بطل علاقته بطلابه في الجامعة بأنها علاقة رائعة لكونه يتفانى في تدريسهم ويقدم لهم أحدث المعلومات ويعرض لهم الصور وأفلام الفيديو والقطع المتنوعة من الآلات التي يدور حولها الدرس ويحثهم على البحث والتطبيق العملي قائلا إنه يتحدى بطلابه أفضل الطلاب في الجامعات العالمية ..مشيراً إلى أن وضع التعليم العالي في بلدنا مقبول ولكن هناك مشكلة في عدد الطلاب الضخم في الكليات.
ودعا بطل في ختام حديثه إلى التمسك بالوطن قائلاً ..”لنبق جميعا خلف الوطن سواء كنا في الداخل او الخارج فاذا خسرنا الوطن فلن يبقى لنا شيء نعيش لأجله”.
سلوى صالح