دمشق-سانا
تمكن الشاعر خالد أبو خالد بموهبته الأخاذة أن يكون اتجاها خاصا بمنظومته الشعرية التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة فكانت فلسطين أهم معانيها ليكون واحدا من أهم شعراء القضية الفلسطينية والإنسانية.
والشاعر أبو خالد الذي حصل مطلع العام على جائزة القدس من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب قال في حديث خاص لـ سانا حصلت على جائزة القدس عن مجمل أعمالي الشعرية والأدبية حيث تمنحها الأمانة العامة للأدباء والكتاب العرب وأنوه بأن الذين حصلوا على الجائزة كانوا يحملون الهم القومي العربي العام والفلسطيني معتبرا أن الجائزة هي لفلسطين وانه ليس سوى ساعي بريد بدوره يوصل الجائزة لمكانها.
وأضاف إن المثقف العربي الذي يلتزم قضايا وطنه وأمته لا ينتظر مكافات أو أعطيات ولكنه يعمل كمحارب في جبهة ثقافية تحمل هموم الأمة كلها مبينا أنه حصل على أكثر من مئة وخمسين تكريما في سورية والوطن العربي دون أن يطلبها من أي جهة.
ورأى أبو خالد أن الجوائز التي يعلن عنها وتناقش ويصوت لها الجمهور وتعرض على شاشات التلفزة جوائز مسيسة لا تخدم قضايا الثقافة العربية بل هي خدمة للوسائل الإعلامية أو للجهة التي تعلن عنها لأن الجائزة الحقيقية تشكل لها لجنة سرية لا يعلن عنها إلا بعد أن تصدر النتائج.
وعن القضايا التي يعالجها في أدبه قال.. تأخذني في الكتابة ثلاثة موضوعات أساسية في المشهد الثقافي عربيا وعالميا هي الموت والحرية والديمقراطية فالموت له تعريفان الأول هو الموت العادي والثاني هو موت من أجل قضية وهذا ليس موتا.
كما أن أديبنا يكتب عن الحرية والديمقراطية لأنه يرى أن الغرب يحاول أن يجعلهما حكرا عليه حتى يقدمها لنا كما يريد هو كما لو كانت وجبة جاهزة لتعني في النهاية ممارسة حياتنا على النمط الغربي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.وأضاف أبو خالد.. إن هناك شريحة من الناس
عملون في إطار الكتابة من مرحلة إلى أخرى وينتقلون أيضا من معركة إلى أخرى ويقفون في الخندق المضاد لهذه الأمة وهم أشبه بالمستشرقين الذين لم يعايشوا هموم الأمة ويتصور كل واحد منهم أنه صاحب نظرة عالمية والحقيقة أن الكاتب والأديب والمبدع يجب أن يكون وطنيا أساسا لأن القضية الوطنية إنسانية بحجم الكون.
وتابع أبو خالد.. أنا أكتب قصيدة التفعيلة وفي بعض التجارب من هذه القصيدة زاوجت بين النصين النثري والشعري في نسيج القصيدة الواحدة ولم يكن الأمر قصديا ولكنه جاء في سياق التجربة وما قصيدتي العوديسا وقصائد أخرى إلا مثال على هذه المزاوجة ولم أجد نفسي مؤهلا لتجاوز شعراء العامودي الكبار لأضيف إلى تجربتهم بل إنني أقدم القصيدة التي أريد بالأدوات التي أجيد استخدامها.
وعن قصيدته العوديسا قال أبو خالد. هي نحت مركب من العودة والأوديسة تلك الملحمة الشعرية اليونانية التي كتبها هوميروس عن الإغريق الذين عادوا لوطنهم أما الفلسطينيون فرحلوا دائما باتجاه العودة وكما رحل أوديسوس إلى زوجته بنيلوب لتصبح المعادل الهوميري لقضية فلسطين موضحا أن استلهام الأوديسة جاء في نسيج القصيدة ولم يكن بحاجة إلى هوامش للشرح.
ويعتقد أبو خالد أن الشعر يرتبط بعلاقة جدلية بحركة التاريخ ويشكل رافعة ثقافية إبداعية وبالتالي هو بخير ما دامت المقاومة عنوانها وبوصلة أمتنا وسيظل هناك دائما شعراء جدد يولدون ويكملون التجربة الشعرية لجيلنا والذي أعطى ادبا متصلا بمن سبقه ومتعلما منه لأن القدرة على التعلم من الموروث تساوي القدرة على اجتراح الابداع معتبرا أن ما نراه في هذه المرحلة موجة عابرة سيخربها عرابوها في ظل ظهور شعراء مهمين سيكملون ويضيفون لشعرنا العربي.
وبين أبو خالد أنه تأثر بشعراء حقيقيين وصفهم بشعراء الإحياء كشوقي والشعراء الفرسان أيضا الذين أثروا ديوان الشعر العربي وصولا إلى المتنبي وبدوي الجبل والجواهري وعلي محمود طه وسليمان العيسى ويوسف الخطيب وأبو سلمى وعبد الرحيم محمود وكثيرين.
وعن مقولة.. ان الرواية صارت ديوان العرب لا الشعر يرى أبو خالد أن هذه شائعة روجها الروائيون في غياب حركة النقد للشعر العربي فيقولون ان الرواية تباع وتروج وتسوق أكثر من الشعر وفي الحقيقة ان الشعر والرواية يعانيان الان من أزمة التسويق إضافة إلى أن الرواية هي ابداع جديد في حياتنا اما الشعر فهو امتداد تاريخي.
ويبدي الشاعر ابو خالد أسفه من ظاهرة رواج وبيع كتب فقط لأنها مجلدة وأنيقة تشكل ديكورا جميلا في المنزل رغم خلوها من المضمون والتأثير المطلوب للكتب التي كانت حتى وقت قريب تسهم بإحداث تغيير إيجابي فكري شامل كما في ثلاثية نجيب محفوظ التي أدت عملا مهما في دراسة المجتمع المصري وكانت شاهد عصر على طبيعة حياته الاجتماعية وتحولاتها.
وأشار أبو خالد إلى أن هناك حالة أخرى في الأدب هي مرحلة تداخل الفنون فيمكن أن تجد المسرح والسرد والحوار والسينما والتلفزيون حالات موظفة في قصيدتنا الحديثة وكذلك يمكن أن تجد في الرواية روح الشعر والكثير من الرومانسية العالية حتى التشكيل الفني يتداخل أيضا مع هذين الشكلين الإبداعيين.
وعن سبب كتابته للشعر المحكي قال أبو خالد.. إن هذا الشعر إذا كان ذا فنية تستجيب لذائقة الناس يمكن أن يحمل ما تحمله القصيدة الحديثة فهو على مستوى من الرومانسية أيضا والرومانسي اتجاه فاعل في الشعر العربي معتبرا أن الكتابة على هذا المنوال تترك التأثير الذي تفتقر إليه قصيدتنا الحديثة ولا تفتقر إليه القصيدة العامودية لسبب بسيط هو أن الناس منذ جلوسهم على مقاعد الدراسة تربوا على عامود الشعر الذي وصلنا من ديوان العرب قديمه وحديثه.
يذكر أن الشاعر خالد أبو خالد كرم سابقا لمواقفه الوطنية وشعره من مؤتمر شباب الأحزاب العربية في دمشق ومن المكتبة الوطنية الجزائرية ومن مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم الإقليمي في بيروت عن مجموعاته الشعرية الإحدى عشرة ومنها دمي نخيل للنخيل ورمح لغرناطة وبيسان في الرماد وشاهرا سلاسلي أجيء إضافة إلى مسرحية شعرية كما طبعت أعماله في مجموعة شعرية كاملة من ثلاثة مجلدات.
محمد خالد الخضر