الشريط الإخباري

أربعة عوامل سورية مهمة !..-بقلم: مهدي دخل الله

السؤال الحائر الذي يُطرح: كيف سقطت أراض واسعة من العراق بأيدي الإرهاب في لمح البصر، بينما تصمد سورية وتتصدى في وجه أعتى أنواع الإرهاب ثلاث سنين ونيف؟ ما هو السر في هذه القوة السورية؟..
وما يزيد في السؤال حيرة أن هناك مجموعة من «الظروف المخففة» للعراق يقابلها «ظروف سلبية جداً» لسورية، الأمر هنا يتعلق بالظروف الإقليمية والدولية المناسبة عموماً للعراق على عكس سورية فالعراق يتمتع بعلاقات جيدة مع أمريكا والغرب واتفاق أمني تفصيلي مع واشنطن، بينما تعمل أمريكا بكل ما أوتيت من قوة لضرب سورية. والعراق يتعامل اقتصادياً ودبلوماسياً مع دول العالم كلها بينما تعاني سورية من مقاطعة صارمة من قبل أوروبا وأمريكا وكثير من الدول التي تسير في فلكها، وهي مقاطعة شاملة بما فيها المقاطعة الدبلوماسية، والعراق مازال عضواً في جامعة الأنظمة العربية وله علاقات مع جميع هذه الأنظمة بما فيها النظام السعودي، بينما حوربت سورية من الجامعة ومن أغلبية هذه الأنظمة، العراق ما زال يلقى تعاطفاً إعلامياً أوروبياً وأمريكياً وعربياً بينما تتعرض سورية لأبشع حرب إعلامية منظمة في تاريخ البشرية..
على الرغم من الظروف الصعبة لسورية، فإن هذا البلد صمد وتصدى بسبب وجود أربعة عوامل على الأقل غير موجودة في الحالة العراقية: 1-دولة متماسكة بكامل مؤسساتها وسياساتها وحضورها بما في ذلك دفع رواتب الموظفين وتأمين الخدمات العامة «هناك دول جارة لا يقبض فيها الموظفون رواتبهم إلا كل أربعة أو خمسة أشهر» 2-جيش متماسك حول عقيدته الوطنية 3- قائد ذو كاريزما له شعبية واسعة – كما أكدت الانتخابات – والشعبية هنا ليست مجرد شعار وإنما تعني ثقة الشعب الكاملة به وبقيادته. أما العامل الرابع وهو الأكثر أهمية لأنه يفسر العوامل الثلاثة المذكورة، هو أن سورية منذ عام 1970 لم تثق لحظة واحدة بالقوى الأطلسية ومشاريعها، وتعاملت معها على هذا الأساس، فبقيت حصينة على «التسلل المتدرج» للتأثير الأمريكي بما في ذلك سياسات الإغراء (القروض والتسهيلات) وسياسات الضغط بجميع أنواعها.
إن «الحالة الراهنة» سواء في سورية أو العراق هي نتيجة لسياسات ومواقف متراكمة، فالحاضر لا يأتي من الفراغ وإنما هو آخر نقطة في الماضي وأول نقطة في المستقبل ..إن الحفاظ على الاستقلال الحقيقي وتطويره باستمرار هو السلاح الوحيد الذي يحمي البلد من أن يصبح ورقة خريفية صفراء في مهب ريح الاستعمار الحديث والإرهاب والرجعية. وهي ريح صرصر عاتية تهدد اليوم هذه المنطقة من العالم.
صحيفة تشرين