الشريط الإخباري

ملتقى “الإبداع من وحي المقاومة”.. تكريماً للشيخ صالح العلي

طرطوس-سانا

يجتمع عشرة نحاتين من أبرز الأسماء بالنحت السوري في مدينة الشيخ بدر التابعة لمحافظة طرطوس عند ساحة ضريح المجاهد الشيخ صالح العلي في ملتقى النحت على الحجر الذي انطلق أمس تحت عنوان “الإبداع من وحي المقاومة” الذي تقيمه وزارة الثقافة تكريما للشيخ العلي وكل من رافقه النضال في الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي ولكل من زرع ثقافة المقاومة في الإنسان السوري.2

وعن فكرة الملتقى وإطلاقه قال النحات اكثم عبد الحميد المشرف على الملتقى.. إن الفكرة اتت من رغبة وزارة الثقافة في المشاركة بمهرجان الشيخ صالح العلي الثقافي السنوي الذي يقام منذ ثمانية عشر عاما لتكريم هذا المناضل السوري الكبير عبر مجموعة أعمال فنية تترك اثرا ملموسا لمئات السنين لا ينتهي بانتهاء المهرجان الذي كان يقتصر على الشعر والادب في السنوات الماضية بهدف إطلاق ملتقى نحتي خارج مدينة دمشق وتفعيل الثقافة البصرية في المحافظات.

النحات عبد الحميد اختار فكرة لعمله النحتي تعتمد على تكريس نهج المقاومة كثقافة لدى الانسان السوري منذ طفولته وكأسلوب حياة وجسد هذه الصورة بتشكيل عدة كتب مع رمزية لطلقات البندقية في تمازج ما بين الثقافة والعلم والمقاومة كفعل بعيدا عن النهج التقليدي في طرح فكر المقاوم.

وقال.. إن المقاومة التي اسسها البطل الشهيد يوسف العظمة وابطال الثورة السورية الكبرى في كل المحافظات السورية ورفضهم تقسيم سورية رغم كل المغريات التي أعطيت لهم من قبل المستعمر الفرنسي غرست فينا بذور المقاومة والتضحية في سبيل الوطن وهذا يظهر اليوم كفعل ملموس يتجلى بتقديم الاسرة السورية لأبنائها دفاعا عن الوطن ومنها محافظة طرطوس مسقط رأس الشيخ العلي والتي سميت اليوم محافظة الشهداء لكثرة من ضحوا بأرواحهم من أبنائها في سبيل وطنهم.

وأشار النحات المشرف على الملتقى إلى أنه اعتمد على خبرته في تنظيم الملتقيات النحتية لتلافي التأخر في الاعداد للملتقى والتعامل مع ميزانية محدودة فتمت دعوة النحاتين أصحاب الخبرة في التعامل مع الكتل الحجرية بوقت قصير نسبيا بسبب الحاجة لسرعة التنفيذ في وقت محدد مبينا أن النحاتين المشاركين اختاروا أساليب رمزية وتعبيرية لمعالجة كتلتهم النحتية من وحي المقاومة وابتعدوا عن فكرة الاعمال النصبية والتي تحتاج إلى وقت أكبر في الدراسة والتنفيذ وهذا غير متاح في الملتقى لضرورة إنجاز الاعمال النحتية وعرضها في ساحة الضريح قبل بدء المهرجان.

من جانبه قال النحات محمد بعجانو.. إن الملتقى يأتي ليؤكد للعالم أننا كسوريين قادرون على العمل والابداع وتقديم الفن وتجسيد فكرة المقاومة مبينا ان الملتقى يكرم رمزا من رموز المقاومة السورية كالمجاهد الشيخ صالح العلي لذلك اختار فكرة النسر السوري لعمله النحتي بأسلوب رمزي مبسط.3

وتابع.. إن الملتقى يأتي في سياق العمل الفني الذي اعتدناه منذ سنوات من اجل نشر ثقافة الفن والنحت والجمال في أرجاء سورية واعطائها طابعا جماليا مميزا وزيادة الحس الجمالي والثقافة البصرية لدى الناس إلى جانب اهميته في لقاء الفنانين وتفاعلهم مع بعضهم ليعبروا عن الحياة والحيوية معتبرا أن النحاتين السوريين معروفون بتميزهم على مستوى العالم وأن استمرارهم في العمل أمر غاية الأهمية لهم.

بدوره قال النحات فؤاد أبو عساف.. إن هذا النشاط الثقافي مهم في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها وهو يدل على أن بلدنا مازال فيه فعل فني ابداعي وانساني مبينا أن الملتقى يساهم في تكريم الرعيل الاول من المقاومين السوريين الذين نقتبس من أرواحهم التمسك بالأرض والدفاع عن الشرف والأخلاق.

ويشتغل أبو عساف في الملتقى على بورتريه يمثل وجه انسان سوري مع الكائن الاسطوري القنطورس الذي نصفه انسان ونصفه ثور وتمت الاستعاضة عنه بنصف جسم حصان والتكوين يحمل رمحا للدفاع والمقاومة بأسلوب واقعي تعبيري جميل.

النحات عيسى سلامة الذي اعتمد فكرة المقاوم بشكل تعبيري مختزل عبر عن سعادته للمشاركة في الملتقى في هذا المكان الجميل والمعبر عن النضال والمقاومة في سورية إلى جانب اسماء مهمة في النحت السوري مبينا اهمية الملتقيات النحتية في هذه الظروف كي يجتمع النحاتون السوريون ويتبادلون التجارب والحوار.

واعتمد النحات هادي عبيد فكرة تعبيرية جميلة في منحوتته تشكل مقاوما يحمل راية السلام من خلال طيور يحمل كل منها روح أحد المقاومين ويحلق للسماء فتشكل مجموعة الطيور الراية التي تعانق السماء بحركتها وعن عنوان الملتقى.

واعتبر النحات عبيد أ ن موقع المتلقى مكان خرج منه اول المجاهدين المقاومين في سورية لافتا إلى أن هذه الفعالية تتيح للناس في المنطقة ان يتعرفوا على فن النحت عن قرب ويشهدوا تنفيذ المنحوتات ما يشكل حالة ثقافية وبصرية مهمة.

ورأى النحات أبي حاطوم القادم من السويداء أن الملتقيات النحتية ضرورية للنحاتين لأنها تشكل لهم رحلة تدخلهم بأجواء خاصة تترافق بتبادل الخبرات وتساهم ايضا في الارتقاء بالذائقة البصرية لدى الناس ونشر الثقافة الفنية النحتية في الشارع مبينا أن الملتقيات تشكل فرصة للنحات لتنفيذ أعمال كبيرة لا يستطيع أن ينفذها في مشغله.

واختار النحات حاطوم الاسلوب التعبيري الرمزي لمنحوتته التي تجسد حارس المكان الذي يحمل ترسا ورمحا بشكل وردة وعن فكرة الملتقى قال.. ان المكان الذي نعمل به جميل وساحر والناس طيبون إلى جانب رمزية المكان الذي يحمل بذور المقاومة والثورة السورية الكبرى وحضن أبطالها.

وأكد النحات وضاح سلامة رئيس قسم النحت في المعهد التقاني للفنون التطبيقية أن أهمية الملتقى تنبع من كونه الأرض التي تحتضن جثمان المجاهد الشيخ صالح العلي إلى جانب اقتراب ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي ليثبت الملتقى مجددا اننا مقاومون ننتمي لبلد المقاومة التي ستبقى عنوانا وطنيا لسورية.

وعن عمله الذي يشتغل عليه قال سلامة أسميت منحوتتي نسر الشيخ بدر تيمنا بالشيخ العلي وهو مأخوذ من النسر الذي يرمز لسورية وربطت جسمه بقارب فينيقي مع عناصر بورتريه رمزية لجنود سوريين لهم رمزية للمقاومة مشيرا إلى وجود طاقات إبداعية نحتية شابة ما يتطلب مزيدا من الملتقيات لإكساب الخبرة لهؤلاء الشباب وادخالهم في حوار مع الاجيال التي سبقتهم لجعل الحركة النحتية في تطور دائم.4

النحات أكسم سلوم يشتغل على فكرة سورية الأم التي تقاوم الريح وتزرع السلام وتحمل سيفا وباليد الاخرى غصن زيتون بأسلوب تعبيري قال.. إن أهمية الملتقيات النحتية تأتي من وجود الأعمال النحتية في الشارع بشكل عفوي ما يعكس حالة تثقيف فني للمتلقي وتحرض الحس الفني والجمالي لدى أصحاب المواهب الدفينة وتكسر لديهم حاجز الخوف من الفن ليخرجوا ما بداخلهم خاصة لدى الأطفال الموهوبين مبينا ان فكرة الملتقى تعبر عن مقاومة الانسان السوري كل حسب موقعه فالنحات يقاوم ويزرع الحياة في المكان الذي يعمل فيه.

وقال النحات علي سليمان إن أي ملتقى نحتي مهم لأنه يساهم في التربية الثقافية وتنمية الذائقة البصرية والجمالية لدى الناس خاصة الأطفال وهو عمل سام ومهم معتبرا أن النحاتين اجتمعوا في هذا الملتقى ليقولوا ان سورية ستنطلق إلى المستقبل بالعلم والثقافة والفن والجمال موضحا أنه اعتمد الأسلوب التعبيري الرمزي في عمله عبر تجسيد قفزة من المتحف إلى الامام في علاقة رمزية بين العلم والارض.

بدوره النحات علاء محمد أكد أن أهمية الملتقى تنبع من الجو العام السائد في سورية الذي يتطلب العمل والفعل الفني المعبر عن الانسان السوري سواء كان مبدعا أو في أي مكان آخر مبينا أن اختيار معقل المجاهد الشيخ صالح العلي مفجر الثورة السورية لإقامة الملتقى ينقل الصورة الحقيقية عن سورية الحضارة والتاريخ والفن والمقاومة.

وعبر النحات محمد ابن منطقة الشيخ بدر عن سعادته في المشاركة بالملتقى الذي سيسجل للتاريخ اعمالا فنية لنحاتين سوريين تمثل المقاومة كما سجل المجاهد صالح العلي أبديته كمقاوم ومناضل وقائد سوري.

واستقى النحات محمد فكرة عمله النحتي من كسر الطوق فعبر عنها خلال مجموعة اشخاص يكسرون جدار الطوق الذي يكبلهم ببعض الاماكن للخروج منه في رمزية عن قيود الحياة والطبيعة والاشياء وكل ما يفرض على الانسان بأسلوب تعبيري رمزي جميل ومعبر وقال.. إن النحاتين السوريين اليوم بحاجة لعودة الملتقيات النحتية الدولية التي كانت منتعشة قبل الأزمة ليعود الحوار الحضاري والثقافي والفني مع الفنان والمبدع من كل مكان في العالم ونتشارك في صنع الجمال والفن والإبداع والحياة.

يستمر الملتقى حتى الثالث عشر من الشهر القادم حيث ستعرض الأعمال وتوزع في الساحة بعد انتهائها ليترافق عرضها مع أيام مهرجان الشيخ بدر الثقافي في ساحة ضريح الشيخ صالح العلي.

محمد سمير طحان