القدس المحتلة-سانا
فلسطينيون لا يهابون الموت، يتنافسون في تنفيذ العمليات البطولية، يقاتلون حتى آخر طلقة ونقطة دم، رافضين الاستسلام أمام جبروت الاحتلال الإسرائيلي الذي يستخدم أبشع أساليب الإجرام بحق الشعب الفلسطيني للنيل من صموده على أرضه وتشبثه بها وتمسكه بحقوقه، لكن هيهات فروح المقاومة متجذرة لدى أصحاب الأرض الذين يؤكدون أنهم الراسخون عليها والاحتلال إلى زوال.
عشرات العمليات البطولية نفذتها المقاومة الفلسطينية منذ مطلع العام الجاري بجرأة وشجاعة لا مثيل لها رداً على اعتداءات احتلال يمتلك أحدث أصناف الأسلحة وأكثرها فتكاً، ويمارس إرهاباً منظماً بحق الفلسطينيين أسفر خلال هذا العام وحده عن استشهاد أكثر من 200 فلسطيني، وإصابة أكثر من 1000 بجروح.
ومن بين هذه العمليات 15 عملية نوعية نفذتها المقاومة أحدثها أمس، وأسفرت بمجملها عن مقتل 29 من قوات الاحتلال ومستوطنيه بينهم 17 في الأراضي المحتلة عام 1948 و7 في الضفة الغربية، إضافة إلى مقتل 5 متأثرين بإصابتهم من بين أكثر من 400 إصابة في عمليات أرعبت كيان الاحتلال وأربكته، مؤكدة أن كلمة صاحب الحق هي الأعلى.
عشرون دقيقة حبست أمس أنفاس الاحتلال الإسرائيلي حين نفذ الشاب محمد صوف ثلاث عمليات بطولية في مستوطنة “ارييل” المقامة على أراضي مدينة سلفيت في الضفة الغربية، أدت إلى مقتل 3 مستوطنين وإصابة آخرين.
بعد التاسعة صباحاً بقليل وصل صوف 18 عاماً إلى حاجز للاحتلال عند مدخل المستوطنة وطعن أحد قواته، وتمكن من الانسحاب لينفذ عملية طعن ثانية في محطة وقود بالمستوطنة ذاتها، أسفرت عن مقتل 3 مستوطنين ثم انسحب وعلى طريق قريب من المستوطنة كانت عمليته الثالثة، حيث دهس مستوطناً وطعن آخر قبل أن تطلق قوات الاحتلال النار عليه ليرتقي شهيداً.
ولم تربك هذه العملية قوات الاحتلال فحسب بل وسائل إعلامه أيضاً التي تناقلت، وخاصة مع بداية الحدث أن فلسطينيين اثنين نفذا العملية قبل أن تعلن أن فلسطينياً واحداً نفذ العملية التي استمرت 20 دقيقة وهزت كيان الاحتلال برمته.
العملية النوعية أمس هي الـ15 منذ بداية 2022 وكانت أولى العمليات في الـ22 من آذار الماضي، حيث نفذ الأسير المحرر محمد أبو القيعان عملية دهس وطعن مزدوجة في مدينة بئر السبع بالأراضي المحتلة عام 1948، أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين وإصابة آخرين بجروح خطرة قبل أن يستشهد برصاص مستوطن.
وبعد خمسة أيام أطلق الشابان إبراهيم وأيمن اغبارية النار على مجموعة من قوات الاحتلال في مدينة الخضيرة بالأراضي المحتلة عام 1948، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم وإصابة 6 آخرين ليرتقيا بعد ذلك شهيدين برصاص الاحتلال.
بعد هذه العملية نشر الاحتلال الآلاف من قواته للتضييق على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، وشن هجمة شرسة على المدن والبلدات الفلسطينية، لكن ذلك لم يمنع الشاب ضياء حمارشة من تنفيذ عملية ثالثة قبل ساعات من بزوغ فجر يوم الأرض في الـ30 من آذار، حيث حمل بندقيته واخترق قلب كيان الاحتلال ووصل مستوطنتي “بني براك” و”رمات غان” قرب “تل أبيب”، ونفذ عمليتي إطلاق نار أسفرتا عن مقتل 5 مستوطنين وإصابة آخرين واستشهد ضياء على إثرها، لتعيد العمليتان الرعب إلى شوارع “تل أبيب”، حيث قال الإعلام الإسرائيلي حينها إنهما جعلتا المستوطنين يخشون المشي في الشوارع.
وفي منتصف ليلة السابع من نيسان قام رعد حازم بعملية جديدة في “تل أبيب” تمكن خلالها من قتل 3 مستوطنين وإصابة 15 آخرين قبل أن يرتقي شهيداً برصاص الاحتلال، وفي الـ 29 من الشهر ذاته نفذ يحيى مرعي ويوسف عاصي عملية في مستوطنة “ارييل” قرب سلفيت أدت إلى مقتل مستوطن وتمكنا من الانسحاب لتعتقلهما قوات الاحتلال من منزليهما بعد يوم من تنفيذ العملية، وبعدها بأسبوع وتحديداً في الخامس من أيار نفذ الشابان أسعد الرفاعي وصبحي أبو شقير عملية طعن مزدوجة بمستوطنة “إلعاد” شرق “تل أبيب” أدت لمقتل 3 مستوطنين وإصابة 4 آخرين، واعتقلت قوات الاحتلال المنفذين بعد ثلاثة أيام.
العمليات البطولية للمقاومة شهدت تصاعداً ملحوظاً في الضفة الغربية أيضاً ففي الـ30 من حزيران أطلق مقاومون النار على قوات الاحتلال ومستوطنيه خلال اقتحامهم منطقة قبر يوسف في مدينة نابلس، وأصابوا ضابطاً كبيراً للاحتلال ومستوطنين اثنين، تبع ذلك عملية في الـ14 من آب في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، حيث أطلق أمير الصيداوي الرصاص على حافلة تقل مستوطنين قرب حائط البراق السور الغربي للمسجد الأقصى ما أدى لإصابة 9 منهم.
وفي الـ14 من أيلول نفذ الشابان أحمد وعبد الرحمن عابد عملية إطلاق نار على حاجز للاحتلال في مدينة جنين أسفرت عن مقتل ضابط في قواته، إضافة لارتقاء المنفذين، كما قام محمد أبو جمعة في الـ23 من الشهر ذاته بعملية طعن قرب حاجز بيت سيرا جنوب غرب رام الله أدت إلى إصابة 8 مستوطنين وارتقائه شهيداً برصاص الاحتلال.
وفي القدس المحتلة غدا الشاب عدي التميمي رمزاً للمقاومة والبطولة بعد تنفيذه عملية إطلاق نار في الثامن من تشرين الأول مستهدفاً قوات الاحتلال عند مدخل مخيم شعفاط شمال شرق المدينة، قتلت خلالها جندية وأصيب جنديان وانسحب التميمي من مكان العملية ليعلن الاحتلال استنفار قواته وحصار المخيم، وتفتيشه منزلاً منزلاً على مدى 11 يوماً بحثاً عن التميمي، فشل خلالها في الوصول إليه، حيث ظهر مرة أخرى في الـ19 من الشهر ذاته في محيط مستوطنة “معالي أدوميم” بالقدس المحتلة مفاجئاً الاحتلال ومنظومته الأمنية لينفذ عملية ثانية، أسفرت عن إصابة جندي للاحتلال وارتقاء التميمي بالرصاص.
وفي الـ29 من تشرين الأول ثارت مدينة الخليل في وجه الاحتلال ونفذ بطلها كمال الجعبري عملية إطلاق نار قرب مستوطنة مقامة في البلدة القديمة وسط المدينة، أدت لمقتل مستوطن وإصابة 5 آخرين واستشهاد المنفذ بعد إصابته برصاص الاحتلال في مكان العملية.
وفي الثاني من الشهر الجاري نفذ حباس ريان عملية استهدف بها حاجزاً للاحتلال قرب بلدة بيت عور غرب رام الله، أسفرت عن إصابة أحد ضباط الاحتلال قبل استشهاد ريان بالرصاص، وبعد أقل من 24 ساعة قام عامر حلبية بعملية مماثلة استهدفت حاجزاً قرب باب المجلس أحد أبواب المسجد الأقصى، أدت لإصابة اثنين من قوات الاحتلال قبل أن تطلق النار عليه ما أدى إلى إصابته، ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول اليه وتركته ينزف حتى ارتقى شهيداً.
مع صعود جيل جديد من المقاومين الشباب الذين توحدهم المقاومة والدفاع عن الأرض والمقدسات، ونجاحهم بضرب منظومة الاحتلال الأمنية فإنهم باتوا يشكلون كابوساً للاحتلال يظهر واضحاً في تصريحات مسؤوليه المتخوفين من انتفاضة ثالثة، بما فيها الأراضي المحتلة عام 1948، لن يتمكن الاحتلال من قمعها رغم وحشيته بسبب وجود شباب فلسطيني مقاوم يتطلع إلى الحرية والخلاص من الاحتلال، ويحمل إرادة قتال فولاذية فرضت على الاحتلال معادلات جديدة لا يتوقع زمانها ومكانها.
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency