طرطوس-سانا
العراقة والأصالة تكمن في تجسيد تاريخ منطقة ما من خلال العودة إلى جذورها تاريخياً والتعبير عنها كثقافة وحضارة، ما دفع الشاب مهند ريبا ابن مدينة بانياس في طرطوس بمنطقة الساحل السوري، ليعبر عن أصالتها من خلال مشروعه الخاص المتضمن تصنيع مجسمات خشبية للبواخر والسفن الشراعية بأدق تفاصيلها.
“الهدف من المشروع تصنيع مجسمات تبقى حية في الذاكرة الشعبية للأجيال القادمة وفي ذات الوقت تامين مصدر رزق يعينه على مواجهة أعباء الحياة”، بهذه الكلمات بدأ الشاب مهند 32 عاماً حديثه لنشرة سانا الشبابية، مبيناً أنه ولع بالأعمال الخشبية منذ نعومة أظفاره وخاصة أنه ولد في أسرة تمتهن هذه الحرفة.
تعلم مهند من والده وشقيقه حرفة تصنيع المجسمات الخشبية ضمن منشرة تمتلكها الأسرة داخل المدينة، مبيناً أنها حرفة متوارثة منذ أجيال عدة لدى عائلته وهدفها الحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي للمنطقة من خلال إكساب القطع الخشبية لمسات خاصة لتخرج بأشكال جميلة تغدو أقرب إلى الحقيقة للناظر المتمعن بها.
وأوضح أن صناعة المجسمات الخشبية متشعبة جداً لكثرة أنواعها كمجسمات البواخر والسفن الشراعية إضافة إلى قطع ترتبط ارتباطاً وثيقاً بها من خلال صنعها بشكل إفرادي وبأحجام كبيرة ومتوسطة كمقود الباخرة والياطر والمرساة وغيرها إلى جانب صنع صناديق المجوهرات والكؤوس والأباريق والشمعدانات والمزهريات والأقلام بأحجام مختلفة وغيرها.
وعن الخشب المستخدم بصناعة التحف الخشبية لفت مهند إلى أنه يشمل خشب الزيتون لعراقته ومكانته التاريخية في الساحل السوري ولسهولة العمل به إضافة إلى أخشاب الزان والسرو والزنزرخت وأحياناً خشب السنديان.
وذكر أن عملية التصنيع تدور بمراحل عدة تبدأ برسم الشكل الذي يريد صنعه في مخيلته ثم اختيار القطعة المناسبة لجهة السماكة والطول بحيث تكون خالية من أي عقد لتأتي بعدها عملية قص الخشب بآلة الشلة ثم نحته على الشكل المطلوب بأزاميل ومقادح متعددة تليها مرحلة حف وتنعيم القطعة بأدوات خاصة قبل أن تأتي المرحلة الأخيرة من خلال طلاء المجسم بالسيلر أو اللكر للحفاظ على لونها الطبيعي.
ويفضل مهند صناعة المجسمات الخشبية للبواخر والسفن باختلاف أنواعها وأحجامها كالحديثة والشراعية والتجارية قائلاً “على الصانع أن يكون دقيقاً ويمتلك ثقافة واطلاعاً واسعاً عن أشكال السفن وأنواعها وتفاصيلها ولكونه يسافر بشكل متقطع في البحر ولاطلاعه على سفن متعددة فقد اكتسب خبرة جيدة مكنته من تجسيد هذه المجسمات بشكل واقعي وبأدق التفاصيل التي تحتاج إلى عمل متواصل يصل أحياناً إلى شهرين”.
ولفت إلى أن عملية صنع المجسمات تختلف من سفينة لأخرى حسب الطلب فالسفينة الشراعية تحتاج إلى سماكة معينة من خشب السرو لصناعة الجسم والصواري من خشب الزان لمكانته وقوته وغيرها من الأمور كالسلالم والأشرعة والحبال ومقود السفينة وغالباً ما يكون الطلاء باللكر فقط أما بالنسبة للبواخر الحديثة فتحتاج إلى إضافات كثيرة تبدأ من حوض السفينة إلى قمرة القيادة والياطر والمقود وإضافة الإنارة عليها وغيرها من الأمور الدقيقة لتخرج بشكل حقيقي يماثل شكل الباخرة الموجودة في البحر.
وأشار إلى أنه يسوق منتجاته عبر صفحة خاصة على الفيسبوك وحالياً يعرضها ضمن محل داخل سوق المهن اليدوية الذي يزدحم بالكثير من الأعمال والتحف الخشبية التي أعدها.
واختتم مهند حديثه بالقول “إن النماذج التي يصنعها ليست مجسمات خشبية للزينة فقط وإنما حسب رأيه هي قطع فنية تروي رحلة تاريخ وعراقة صناعة السفن على امتداد الساحل السوري وخاصة أنه يضفي على كل قطعة يصنعها لمسات من روحه”.
ذوالفقار أبوغبرا
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency