الشريط الإخباري

تعرف إلى مهنة عريقة في دمشق القديمة عمرها أكثر من سبعين عاماً

دمشق-سانا

عند مرورك بسوق مدحت باشا في مدينة دمشق القديمة من بداية الشارع، تستقبلك رائحة الموالح المحمصة بمختلف أنواعها من المحال التجارية المتخصصة بصنعها والمتفننة بطريقة عرضها المميزة الغنية بالألوان.

الحرفي السبعيني عصام نظام المعروف بأبي صفوان والمتمرس في هذه المهنة بحرفية عالية منذ ما يقارب 45 عاماً، تحدث لمراسلة سانا أن هذه المهنة واحدة من المهن القديمة المتوارثة عند السوريين، فهو ورثها وإخوته عن والده الذي ورثها بدوره عن جده منشئ المحمصة الخاصة بعائلتهم عام 1950 والتي استمر العمل بها إلى اليوم.

ولفت أبو صفوان إلى أن كل أنواع الموالح والمكسرات تتبع طريقة تحميص واحدة، وبعضها يحتاج إلى إضافة ملونات ونكهات خاصة مثل الفلفل الحار والزعتر والجبنة والكاتشب وبعض التوابل أثناء التحميص.

وأوضح أن آلية العمل تبدأ عندما يصل البزر والمكسرات بأنواعها المجففة والمعبأة بأكياس قماشية خاصة إلى المحمصة، حيث يتم غسلها بماكينة خاصة وتعقيمها، ثم يضاف إليها الملح المذاب بالماء وتترك مدة 24 ساعة لتتخمر، بعد ذلك توضع في وعاء نحاسي كبير، ثم تبدأ عملية التحميص حتى تتبخر المياه ويبقى الملح ممزوجاً بها، والذي يعد مادة أساسية في عملية التحميص.

وتكمن فائدة الملح إضافة إلى منحه الطعم للمكسرات بكونه يساعد إلى حد كبير في عدم احتراقها أثناء التحميص، وتعرضها للحرارة المباشرة كونه يمتص كميات كبيرة من الحرارة التي تسخنه، وهو بدوره يسخن المكسرات، كما تضاف إليها كميات ونسب معينة من التوابل والبهارات حسب النوع المحمص، وتخلط جيداً ثم تفرد على ورق مخصص لهذه الغاية إلى أن تجف وتبرد جيدا، وبعدها تخزن وتعبأ بأكياس خاصة.

وعن طريقة حفظ المكسرات قال العم أبو صفوان: يمكن وضعها في مكان بارد وجاف ضمن أوان زجاجية أو بلاستيكية محكمة الإغلاق حفاظاً عليها من رطوبة الجو، والتي تتسبب بإفسادها وإفقادها طعمها المميز، مبيناً أنه يمكن حفظها في الثلاجة مدة لا تزيد على أربعة أشهر، أما بالنسبة لبزر دوار القمر والبزر الأسود ولتحافظ على طراوتها توضع في أكياس نايلون صالحة لحفظ المواد الغذائية.

وتتطلب هذه المهنة حسب أبي صفوان من العامل بها اهتماماً كبيراً بالنظافة، سواء الشخصية ونظافة المكان والأدوات، إضافة إلى الخبرة في معرفة نسب التوابل المضافة ودرجة الحرارة المطلوبة ومدة تعرض المواد للحرارة حسب كل نوع يتم العمل به والتأكد من جفافها التام وخلوها من الرطوبة.

ويشتغل أبو صفوان بما يقارب 22 نوعاً من الموالح والمكسرات التي يعرضها في محله ضمن أدراج خشبية مغطاة بزجاج، مبيناً أن معظم الموالح هي إنتاج سوري محلي ذات نخب أول، الأمر الذي يسهم في كسب ثقة الزبائن فهو يجلب الفستق الحلبي من ريف حماة وفستق العبيد من جبلة وبانياس والبزر من دير الزور والقامشلي والحسكة، إضافة إلى اشتغاله بالبزر المصري والإيراني والبزر الأبيض وعباد الشمس الذي تشتهر بزراعته منطقة سهل الغاب والحمص المخصص لصناعة القضامة المغبرة والناعمة، والذي يجلبه من درعا والقنيطرة، إضافة إلى اشتغاله بالكاجو واللوز والبندق والمكسرات الصينية واليابانية.

وبين أن هذه المهنة كان لها نصيب من التطور التكنولوجي الذي وفر الوقت والجهد على العاملين، من خلال استخدام الماكينات الكهربائية التي تقوم بتحريك وتقليب المواد أثناء التحميص، في حين يبقى للعمال دور الانتباه ومتابعة العمل بكل مراحله، مشيراً إلى أنه وعماله الثلاثة مستمرون بالعمل بهذه المهنة رغم كل الصعوبات التي تواجههم، والتي من أبرزها قلة الوقود الذي يحتاجونه لتشغيل الماكينات عند انقطاع التيار الكهربائي لكونها حرفة عريقة ورثها عن الأجداد.

نور يوسف

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgenc