بعد انتخابات الكنيست في الكيان الصهيوني «17/3/2015» وإعلان النتائج لم يثبت أنّ «أزمة» «إسرائيل» الحكومية تستوجب ذلك السيل الإعلامي تجاه شؤون اليمين واليسار فيها، بل حتى إن «بيوت سياسة» ووسائل إعلام محسوبة على العروبة ومعادية وشبه معادية لـ«إسرائيل» بالغت واستعملت مصطلح «صراع» اليمين واليسار في «إسرائيل»، أي لولا بعض الحياء ربما لبشّرت بـ«حرب أهلية في الكيان الصهيوني بين يمينه ويساره»!
تصلح نتائج الانتخابات الإسرائيلية كموضوع بحثي يمكّن من معرفة سذاجة الخطاب العربي السياسي والإعلامي في فهم «الداخل الإسرائيلي»، ودور سيل من وسائل الإعلام العربية بشتى اتجاهاتها النفطية وغير النفطية في تضليل مبرمج -وأحياناً من غير قصد- للعقل العربي وللجمهور العربي الذي يراد إقناعه بأنّ اليسار الإسرائيلي أقل تطرفاً من اليمين الإسرائيلي، أو أنّ القائمة العربية في الكنيست ذات وزن يحسب له حساب وكأنّها ستحدد سياسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة!.
كل شيء في «إسرائيل» يؤكد استنفار أحزابها للتوجّه إلى غايتها النهائية «كيان يهودي صرف»، وتسقط اعتبارات ودلالات اليسار واليمين والوسط أمام «الإجماع الإسرائيلي» برفض الدولة الفلسطينية إلاّ إذا أمكن جعلها محفظة في يد «إسرائيل»، ورفض تقسيم القدس والعمل التدريجي لتهميش وترحيل الفلسطينيين من القدس والتوسع الاستيطاني.
وتذوب التباينات الحزبية أمام زيادة ميزانية جيش الاحتلال الإسرائيلي كما حدث مؤخراً بمقدار 3.6 مليارات «شيكل»، وهو الذي تأسس من عصابات «الهاغانا»، وزيادة «مخصصات» ما يسمى اللواء الاستيطاني «الذراع الحكومية لمشروعات الاستيطان» بمبلغ 120مليون «شيكل»، ومتطلبات استقطاب المهاجرين الجدد إلى «إسرائيل» حيث بلغ عددهم 26 ألفاً خلال عام 2014 كرقم قياسي مقارنة بالسنوات العشر الأخيرة، وزيادة الدخول الإسرائيلي في تفاصيل إرهاب «داعش وجبهة النصرة» وجزء ممّا يسمي نفسه «معارضة سورية»..!
لماذا السيل الإعلامي الذي استنفر للانتخابات الإسرائيلية ومازال يترقب الحكومة الإسرائيلية المقبلة لم يشهد استعراض تاريخ اليمين أو اليسار في «إسرائيل» لإثبات تقاسمهما المجازر بحق الفلسطينيين والعرب؟ بل إنّ «اليسار الناعم» يتفوّق على «اليمين الخشن» في هذا المجال وصولاً إلى آلاف الشهداء العرب وملايين المشردين واللاجئين.
لماذا تبتعد الشهية الإعلامية عن شؤون 1,5 مليون فلسطيني من عرب 48 محكومين بالتهميش والتنكيل وانفتاح شهية اليمين واليسار الإسرائيليين عليهم لنيل أصواتهم خلال الانتخابات فقط ولجعلهم في أفضل الاحتمالات مجرد ورقة انتخابية.؟!
عندما يفقد الإعلام شهية الغوص في عمق الأمور فهذا يعني خدمات مضللة لجمهور يقصفه الخبر الإرهابي والخبر «الساذج» قبل القصف المسلح.
بقلم: ظافر أحمد