الشريط الإخباري

حين تثقل الشواهد على الأردن!!-صحيفة الثورة

قد لا يضيف الحديث عن الدور الأردني وعلاقته بالتنظيمات الإرهابية – كغيره من الأدوار الإقليمية المترابطة معه أو المنفصلة عنه – الكثير من التفاصيل، بقدر ما يشي بالرغبة الواضحة في تعديل العناوين التي انطوت تحتها طوال السنوات الماضية، حيث المحصلة التي تتشابه وتتقاطع في جزئياتها تتعارض في مساحة الدور الإقليمي المفترض في المرحلة الحالية والمستقبلية، مع ما تقتضيه من تعديل في المهام الوظيفية الموكلة.‏

فإذا بقي الأردن على مدى السنوات الماضية ملتزماً بما تفضي إليه تعليمات غرف الاستخبارات، دون أن يكون مشاركاً مباشراً في الكثير من مداولاتها على حد حديث الكثير من الناطقين غير الرسميين باسمه، فإن ما جرى مؤخراً يؤشر إلى انزياح واضح في المهمة، تقتضي على الأقل تغييراً جوهرياً يكون فيه بديلاً لأدوار إقليمية وربما دولية، بما فيها الدور الأميركي ذاته.‏

فالمسألة لم تعد مقتصرة على معسكرات تدريب، ولا في تسهيل وصول المسلحين والأسلحة، ولا في غرف عمليات جديدة أو قديمة، بل وفق التسريبات الإعلامية المتداولة ربما يزود الأردن المسلحين بما يحتاجونه وعبر طائراته، ولو كان من باب الخطأ المعمول فيه لتبرير ما يحصل حين ينكشف الأمر أو بعد أن يتم تداوله علناً.‏

يستطيع الأردن أن ينفي كل ما سبق، وبمقدوره أن يدعي بما يشاء حول كثير من الشواهد والقرائن الدامغة على دور يتم تظهيره إلى العلن، سواء كان بصورة متعمدة أم بطريقة الخطأ المقصود، وليس آخره ما تم تداوله إعلامياً عن قيام طائراته بتزويد المسلحين في نصيب بصناديق من الذخيرة.‏

ويستطيع أيضاً أن يبرر – كما يشاء – كل ما سبق تسريبه أو تأكيده بمعطيات لا تقبل الشك، لكن لن يكون بإمكانه أن يواجه كل الشواهد الدامغة والقرائن المتسلسلة التي تشي بما يجري على أرضه وفي الغرف الاستخباراتية المتنقلة التي تستضيفها عاصمته، بما فيها غرفة العمليات التي تقود عمل المسلحين فيما تم اعتباره اصطلاحاً باسم الجبهة الجنوبية.‏

لن ندخل في تفاصيل المماحكات والأسطوانات المشروخة التي يدخل فيها النفي الأردني، ولا في مناقشة خطاب الادعاءات التي باتت ممجوجة ومستهلكة على مدى سنوات خلت، لكن ثمة أسئلة تطرح نفسها ومن بوابة الحديث الأردني نفسه، بمنطق النفي الذي درج على استخدامه: لماذا الأردن دون سواه الذي يتم إدراجه عن طريق الخطأ؟ ولماذا الأميركيون والإسرائيليون متحمسون للدفاع عن دوره أكثر مما يدافع الأردن؟ في وقت تعلو فيه أصوات من داخله للحديث عن الحدود والجغرافيا!!‏

لن نقتفي الكثير من الإجابات المتاحة والمتوافرة في المعطيات المتداولة، ولن نبحث في خلفياتها وأبعادها، وسنكتفي بما ورد من قرائن على لسان الأردنيين أنفسهم من تطلعات وسط هذه الفوضى التي تتجاوز الدور، ليس بالسياسة فحسب، بل وبالجغرافيا أيضاً، وما ورد من عمليات نفي ونفي مضاد، فيما التأكيد الأميركي والإسرائيلي له أسبابه الأخرى التي تحاكي اليوم ما اقتضى من تحريك للخرائط الجديدة المعدة في المنطقة.‏

قد يكون الفاصل بين الدورين السابق واللاحق جزئياً، وبفاصل زمني لا يستحق الكثير من التوقف، لكن من اللافت أن يكون في وقت بدأت فيه أدوار أخرى تعلن إفلاسها، وفي مرحلة تبدي فيها أميركا الكثير من الحرج وقد بدأت عملياً بدحرجة الأدوار الإقليمية وفقاً لشهادات التقدير، أو تبعاً لمحصلة لا تشجع في المعيار الأميركي، فيما يشكل الأردن واحدة من أهم مرتكزاتها.‏

لا أحد يستطيع أن يغمض عينه حتى النهاية، ولا بمقدور المعطيات أن تتجاهل أصابع تركت موقعها في المواقع الخلفية لتكون هي رأس الحربة في تحريك الدمى على مسرح الخراب والدمار في المنطقة، في وقت تتراجع فيه القراءات لتغوص في التفاصيل، بما فيها تلك التي أسهبت في الجزئيات لتكون أبعد من دور إقليمي هنا أو مهمة وظيفية هناك.‏

الأردن بالأحداث الأخيرة كما في التي سبقتها ومنذ البداية أثقلت عليه الشواهد والقرائن، رغم أنه لم يكن خارج أعين المتابعة، وهو ليس وليد متغيرات النظرة الأميركية، بقدر ما يعكس أوهاماً وأحلاماً استطالت لتجد في الجغرافيا موطئاً إضافياً، رغم إدراكها أنّ العبث في الخرائط بحد ذاته يشكل إيذاناً للعب بهشيم الإحداثيات الوظيفية بما يقتضيه من عودة إلى التذكير بإمارة شرق الأردن وربما إلى ما قبلها!؟‏

بقلم: علي قاسم ‏

انظر ايضاً

عبث حافة الهاوية

 لم يكد يُعلن عن الاتفاق الأميركي التركي حتى ظهرت التباينات والتفسيرات والتفسيرات المضادة، التي شهدت …