الشريط الإخباري

الفنانة التشكيلية نهى جبارة تقيم معرضها الفردي الأول في مركز طبي

دمشق-سانا

في معرضها الفردي الأول حققت الفنانة التشكيلية نهى جبارة سابقة في اختيار مكان ملفت ومختلف عن صالات العرض التقليدية لتقديم لوحاتها بشكل يفاجئ الزائر الذي لم يخطر بباله أن تتحول غرف وممرات مركز جبارة الطبي وسط دمشق إلى صالات عرض تختلط فيها اللوحة التشكيلية بالأدوات والأجهزة الطبية مايخفف عن المرضى رهبة المكان المخصص للعلاج.

يضم معرضها ستين لوحة تجمع بينها بورتريهات لحالات إنسانية تعتري الإنسان من خلال تقاسيم الوجه معبرة عن الحزن والفرح والأمل والحلم وكل المشاعر الأخرى التي جسدتها في معظم لوحاتها بالإضافة إلى لوحات حوارية إنسانية.

وفي حديث لسانا الثقافية قالت جبارة إن أغلب الحالات الإنسانية الموجودة في لوحاتها مستوحاة من تجارب واقعية واجهتها في حياتها مشيرة إلى أن رسالتها الفنية من المعرض هي توثيق لأشياء خاصة بها أو لمرحلة مرت بها سورية.. فالسوريون بطبعهم فنانون ومسالمون يجمعهم النقاء والصفاء متسائلة من أين أتاهم هذا الألم وهذا التشويه ومن أين جاءهم هذا الدمار والقتل والتخريب.4

وتعول الفنانة جبارة على الفنون بمجملها للخروج من الأزمة كالموسيقا والدراما والغناء والفن التشكيلي موضحة أن هذه الفنون تترك تأثيرها الإيجابي على الإنسان خاصة إذا غذينا مرحلة الطفولة بهذه الفنون وربينا جيلا فنانا بعيدا عن الشراسة وعن ثقافة القتل.

وعن اختيارها لغالبية اللوحات من مقاسات صغيرة قالت إن محدودية المكان فرضت ذلك.. فمثلا هناك لوحات بمقاس 20 ضرب 20 ولوحات بمقاس 50 ضرب 50 إضافة إلى بعض اللوحات الكبيرة بمقاس متر بمترأو أكبر قليلا.. واستخدمت فيها ألوان الأكريليك على القماش وغالبيتها ألوان ترابية كدرجات البني التي تعتبر الغنى الحقيقي للوحة كما استخدمت درجات الأزرق.

وتعتز الفنانة جبارة بلوحة بورتريه موجودة في المعرض تعتبرها من اللوحات التي تشبهها رغم عدم وجود تشابه في الملامح بين المرأة في اللوحة وبينها شخصيا إلا أنها تعبر عنها بطريقة أو أخرى لما فيها من الحزن والابتسامة الدائمة.. وفيها عين مغيبة فيما العين الأخرى توحي بالسكينة والجمال الروحي .. وباختصارهي أكثر من لوحة تعنيها بشكل خاص.

ولدى جبارة طموحات كثيرة منها إيصال رسالتها إلى العالمية دون أن تقف عند مرحلة الشهرة في سورية فقط وهي تتمنى ذلك لكل فنان سوري وتتوقع أن يلمع نجم الفنانين السوريين في العالم كله ليظهروا للعالم أن السوريين بعيدين عن ثقافة العنف لما يحملون من ثقافة العلم والمعرفة والفن والأخلاق الرفيعة.3

وتعتبر أن الفن هو لغة تعبير مهمة جدا كما أن الفن بمثابة الأكل والشرب ووجود الفنان في الحياة مهم مثله مثل الطبيب والمهندس وهو حجر أساس في المجتمع .. وتتمنى الاهتمام بالأطفال لأن الطفل يعبر بالرسم قبل أن يجيد الكلام ويجب تنمية مواهبه وعدم تهميشها وخصوصا في هذه الأزمة .. يجب أن يأخذ الطفل حقه من الاهتمام لأنه هو المستقبل الآتي.

واللوحة برأيها تعبر عن كل المكنونات عندما يضمنها الفنان ما بداخله وتوصل كل مايريد نقله للناس لكونها تأخذ كل أبعاد الحياة وبصمت اللوحة نفهم كل مايريد الفنان قوله وكل مايعمل بداخله فالصمت هو لغة يفهمها كل الناس.

وتأثرت الفنانة جبارة بالمدرسة السوريالية التي تستهويها وكثيرا ما كانت تتأمل لوحات سيلفادور دالي بشغف فهو يضحكها ويحزنها ويبكيها ويأخذها إلى عوالم جميلة وفي كل مرة تكتشف في لوحاته أشياء جديدة وتعتبرها المدرسة الأساسية في الفن لما فيها من فكر وفن وواقعية وغرابة .3

وعن طقوس الرسم لديها قالت إن اللوحة تبدأ بومضة ترى فيها ماترغب في تجسيده على بياض اللوحة وأحيانا ترى ومضات لأكثر من لوحة فتبدأ ببعض الخطوط على دفتر الاسكتشات الذي يرافقها أينما كانت 00وفي ذاكرتها مشاريع للوحات كثيرة لم تنجزها بعد مشيرة الى أن معظم لوحاتها كانت مطبوعة في ذاكرتها من قبل .. وغالبا ماتأتي الومضات في حالات غير سعيدة.

كانت ترسم العصافير في البداية حتى أن معظم لوحاتها تضم طيورا بشكل أو بآخر إلا أنها منذ بداية الأزمة تحولت إلى رسم وجوه الناس وأكثر ما أثر فيها فقد والدها الذي كان ملهمها في الحياة.. فصارت ترسم أشخاصا بوجوه مختلفة بعدما انطبعت وجوههم وملامحهم بذاكرتها من خلال رؤيتهم لثوان ويغلب على البورتريه في لوحاتها وجه المرأة التي تعتبرها كل المجتمع وتعتبر وجودها أهم شيء في الحياة التي تعتبرها كل المجتمع وتعتبر وجودها أهم شيء في الحياة.2

وبالرغم من تجربتها الغنية تحس الفنانة جبارة أنها لم تنجز شيئا بعد ففي داخلها أشياء كثيرة لم تقلها بعد في لوحاتها موضحة أن لوحتها لاتنتهي مهما اشتغلت عليها وكل فترة ترغب في إضافة شيء إليها وتشعر أنه ينقصها شيء ما.

وبالعودة إلى البدايات فقد كانت متأثرة بأبيها الذي كان المعلم الأول والأساسي في حياتها.. كان طبيب أسنان وشاعرا وكاتبا ويملك حسا فنيا عاليا ماجعلها تستشيره في رسوماتها أما والدتها فهي تختصر كل الأشياء الجميلة في حياتها ..وهي فنانة في الخياطة والتطريز وأشغال السنارة والصوف ما جعلها تعتبرها الفنانة الأولى التي تأثرت بها.

وعندما أصرت على الانتساب لكلية الفنون في عائلة معظمها أطباء واجهت معارضة الجميع ولكنها أصرت واختارت اختصاص فنون بصرية لأنها وجدت فيه مايعطي التجدد الدائم والابتكار والابداع وكان مشروع تخرجها مستوحى من أغلفة كتب نزار قباني وأشعاره حول الوطن والأم والغزل.

ومن الأساتذة الذين درسوها وتأثرت بهم الدكتور حيدر يازجي الذي وصفته بأنه فنان بطبعه كان يوجه الطلاب بطريقة أبوية حنونة .. كما تأثرت بالفنان صفوان داحول الذي كان معيدا عندما كانت في السنة الرابعة وهي تتابع أعماله بشكل دائم بعد أن وصل إلى العالمية وتتأثر بلوحاته وألوانه الترابية.

وللفنانة جبارة التي تخرجت من كلية الفنون الجميلة عام 1989 مشاركات في معظم المعارض الجماعية التي أقيمت في سورية كمعرض الخريف ومعرض نساء من سورية ومعرض جراحات وطن .. وهي عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين ونقابة الفنون الجميلة ولها الكثير من الأعمال في مجال الغرافيك كتصميم الشعارات والبوسترات وأغلفة الكتب لجهات رسمية وجمعيات أهلية وشركات خاصة.

سلوى صالح