الشريط الإخباري

روائيون سوريون: الرواية في زمننا هي الأقدر على استيعاب المتغيرات والتحولات العميقة

دمشق-سانا

تتميز الرواية عن غيرها من الأجناس الأدبية بفضائها المفتوح وعنايتها بالتفاصيل الصغيرة ذات المدلولات الكبيرة وما يميزها أيضاً أنها تبدع عالماً متخيلاً يبنيه المؤلف من مشاهداته للواقع مؤسساً لقيم وعوالم جديدة لا يدرك كنهها إلا بدخول فضاء الرواية.

وسجلت الرواية السورية على مدى عقود من الزمن حضوراً عربياً مؤثراً واختيرت العديد من الروايات السورية ضمن قائمة أفضل عمل روائي عربي.

سانا الثقافية استطلعت آراء أدباء سوريين من مختلف الأجيال أبدعوا في مجال الرواية وقدموها بأشكال مختلفة حيث تصف الأديبة أنيسة عبود الرواية بأنها أرض خصبة لآلة التجريب والتغيير والإضافات الجمالية واللغوية والفكرية تحمل في طياتها النبوءة والتاريخ فضلاً عن شمولها للهم الإنساني.

وتجد الأديبة عبود أن الرواية هي الأقدر اليوم في هذا الزمن الالكتروني على استيعاب المتغيرات والتحولات العميقة في العالم مبينة أنه إذا كانت الرواية تحتفي بالجمالي والممتع والغريب فهي أيضاً تؤرخ وتؤسس وتؤرشف الواقع وغرائبيته بما يحمله من ألم وحزن وحب وفرح لدرجة أنها صارت اليوم سيدة الأدب القادرة على صناعة الانزياحات الفكرية والمعرفية.

ومن جيل الشباب يعتبر الروائي رشيق سليمان أن الرواية أو أي جنس أدبي آخر عليه أن يهذب القارئ ويضيء على ما كان مجهولاً لديه مبيناً أن الرواية كجنس أدبي توفر للكاتب مساحة أكبر لعرض شخوصه بما يعتلج في نفسه وبناء علاقة بين هذه الشخوص والقارئ.

ولا شك أن الرواية تختلف كثيراً عن القصة حسب الأديب غسان حورانية باعتبارها تتناول فضاء واسعاً من الحياة وينساب القلم خلالها بحرية وإسهاب في أعماق الزمن ليتمكن الكاتب من إيصال فكرته بطريقة واضحة جلية موضحاً أن الرواية إن لم تحدث صرخة مدوية في جميع الأوساط فسيكون محكوماً عليها بالفشل.

ويشير حورانية إلى أن الحرب الظالمة على سورية ألقت بظلالها على الأدب السوري عامة رغم أن هناك الكثير من الروايات المهمة التي تحدثت عن الحرب ومفرزاتها معرباً عن اعتقاده أن أقلام الأدباء لن تدع الكتابة عن الحرب وتصوير ما عاناه الشعب السوري منها مهما طال الزمن.

والرواية عند الأديبة وجدان أبو محمود ألم يتشعب في مشروع فكري فلسفي نفساني متكامل قوامه الاستسلام المطلق للأسئلة الكونية والكبرى وتركيز زوايا النظر على الثوابت وإغناء العمل الروائي بالمعارف والاندماج بشخصيات الرواية والتوحد بينها وبين أعماق ذواتنا الخفية.

وترى أبو محمود أن الكتابة السردية العربية عموماً لا تزال تحاول أن تبحث عن منجى حقيقي لها من أقبية السائد والمألوف والحكائي والمكرس.

وحول واقع الرواية السورية زمن الحرب أشارت الأديبة ميرفت أحمد إلى قيام الأعمال الروائية بتوثيق تاريخي صادق لكثير مما دار في سورية ولا سيما الحرب الإرهابية وسعيها للتعبير عن الأصالة الوطنية والانتماء والحضارة وتفاصيل من الحياة الاجتماعية ولكنها تأثرت بالظروف العامة ولم تتمكن في كثير من الأحيان من إثبات وجودها وتحقيق الحضور الواثق على الساحة الأدبية.

وفي معرض تقييمه لمنجز الرواية السورية في سنوات الحرب يرى الناقد الدكتور أحمد علي محمد أنها تتبوأ اليوم مكانة مهمة وتثبت نفسها في محافل عربية ودولية مشيراً إلى أن الرواية فن أدبي يحتاج براعة من الكاتب في تحليل الواقع بصورة تدفع القارئ للتبصر والتوقع بما ستؤول إليه الأحداث.

رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني بين أن الرواية لا يمكن أن تكون ذات قيمة ما لم تعمل على تغيير الأخطاء وتحافظ في الوقت ذاته على الأسس الفنية التي تميزها بقيمتها وتسمح لها بعبور الزمن مشيراً إلى أن الواقع الحالي اتسم بظهور محاولات أدبية في مجال الرواية ولكنها لم تكن ضمن المستوى المطلوب.

محمد خالد الخضر